فإن تم ذلك اندفع به قول ابن إدريس أيضا واحتجاجه، وإلا لسرى الإشكال إلى الفأرة التي عطف عليها الوزغة في الرواية، وقضية ذلك استحباب النزح فيهما معا كما أفتى به المحقق في الوزغة خاصة على ما حكي عنه في المعتبر (1).
وفي المسألة قول ثالث أو رابع محكي عن سلار (2) وأبو الصلاح الحلبي (3) وهو الاكتفاء بالدلو الواحد، احتجاجا بما في التهذيب والفقيه عن يعقوب بن ميثم أنه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) فقال له: بئر ماء في مائها ريح يخرج منها قطع جلود، فقال: " ليس بشئ، لأن الوزغ ربما طرح جلده، إنما يكفيك من ذلك دلو واحد " (4).
وفي معناها ما عن الكافي (5) في باب البئر.
ولا يخفى ما في هذا الاحتجاج من الوهن بعدم دلالة الروايتين على نفي الزائد لو وقع فيها الوزغ بنفسه، وإنما هما تدلان على الاكتفاء بالواحد في جلده، وهو ليس من موضوع المسألة في شئ.
ومنها: العقرب، حكي القول به عن الشيخ في النهاية (6)، والمبسوط (7)، وتبعه ابن البراج (8)، وأبو الصلاح (9)، ولم يتعرض لها ابن حمزة، وسلار، والشيخ المفيد، وقد تقدم عن علي بن بابويه (10) ما يدل على عدم وجوب شئ فيها، وهو اختيار ابن إدريس (11).
حجة الشيخ - على ما في المختلف - (12) ما رواه هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الفأرة والعقرب وأشباه ذلك يقع في الماء فيخرج حيا هل يشرب من ذلك الماء أو يتوضأ به؟ قال: " يسكب ثلاث مرات، وقليله وكثيره بمنزلة واحدة، ثم يشرب منه ويتوضأ منه غير الوزغ، فأنه لا ينتفع ما يقع فيه " (13).
وجه الاستدلال: أن العقرب ينزح لها مع خروجها حية ثلاث دلاء فمع الموت أولى، مضافا إلى أن المقتضي للنزح في الوزغة وهو السم موجود في العقرب.