بمجرد النص بل يتوقف على دلالته الواضحة المعتبرة، ولا سبيل لأحد إلى إحراز تلك الدلالة في نصوص المقام، كيف لا وقصارى ما فيها إنما هو الدلالة على وجوب النزح بعد تسليمها وهي أعم، والعام لا يصلح دليلا على الخاص، وما تقدم منا من دعوى نهوض الدلالة عرفا في الأوامر الواردة في باب المياه وغيرها من سائر التطهيرات وكذلك نواهيها على كونها لأجل النجاسة لا التعبد الصرف إنما نقول به فيما لم يصادف الأمر ما يوجب وهنه في تلك الدلالة، ومن الموهنات القائمة في المقام عدم معهودية مقتض للنجاسة في الشريعة يختلف فيه الأشياء، ولا سيما المياه القابلتين للتنجس.
وكون ذلك الاختلاف إنما نشأ عن قصور ماء البئر في القوة العاصمة عن الانفعال فلذا ينفعل كره بملاقاة مطلق النجاسة.
يفسده: أن ماء البئر ليس بأضعف من المضاف وهم لا يقولون بانفعاله بمباشرة الجنب ولو بقصد الاغتسال.
وكون ذلك مستندا إلى الفرق في أن المضاف لا يرفع الحدث - مع أنه باطل بأن التحقيق كما سيأتي أن الحدث لا يرتفع بهذا الاغتسال أيضا - ينفيه: أن رفع الحدث حيثية في الماء تكشف عن زيادة القوة فكيف تصلح أمارة لما هو ملزوم للقصور والضعف؟
مع أن المقتضي لهذا الحكم إن كان هو رفع نوع الحدث فهو منقوض بالأحداث الاخر من الحيض والاستحاضة والنفاس، وإن كان هو رفع حدث الجنابة خاصة فيؤول الكلام إلى دعوى: أن من المنجسات الثابتة في الشريعة رفع حدث الجنابة، وهذا كما ترى حكم كلي قاطع للاصول المحكمة شرعية وعقلية فكيف يمكن إثباته بمثل هذه الدلالات الضعيفة، مع أن في ثبوتها ألف كلام وفيه مخالفة للشهرة أيضا.
وبجميع ما ذكر يندفع ما قيل في تقريب القول بالنجاسة من استظهاره من ظاهر لفظ " الإفساد " الوارد في صحيحة ابن أبي يعفور، بدعوى: " أن ظاهره عدم ترتب أثر عليه فلا يطهر من الحدث ولا الخبث؛ بل ظاهره عدم الصلاح فيه رأسا فلا يصلح للشرب أيضا، وهذه الامور من لوازم النجاسة " (1) انتهى.
مع ما فيه من منع ظهور تلك اللفظة في هذا النحو من عموم الحكم، بل قصارى ما