وتنظر فيه سبطه في المدارك: " بأنه (رحمه الله) قد حقق فيما سبق أن المراد بالوقوع الغسل، حملا للمطلق على المقيد، فيكون النهي متوجها إليه خاصة، والفساد وإن كان مترتبا على الغسل ومتأخرا عنه عند القائل به إلا أن المفسد له في الحقيقة هو الغسل، وليس بعده فعل يمكن توجه النهي إليه، وإنما الموجود أثر ذلك الفعل " انتهى (1).
والذي يساعد عليه النظر فساد ذلك الغسل وإن لم نحمل " الوقوع " عليه، إن كان المراد بالإفساد المنهي عنه سلب الطهورية عن الماء - وكان المورد نظير مورد الرواية في كون البئر مما تعلق به ملك الغير على جهة الاختصاص أو الاشتراك - فأنه بهذا المعنى - مع الشرط المذكور - من آثار الغسل ومعلولاته، ومن المحقق في محله أن مقدمة الحرام محرمة سيما إذا كانت علة تامة له.
ولا يجدي في رفع المحذور عدم مقارنة الغسل لنية الإفساد إن أمكن الانفكاك بينهما في حق العالم بالحكم، لأن قصد العلة في حكم العقل كاف في قصد المعلول.
نعم، على تقدير كون المراد بالإفساد معنى آخر من نشر التراب في الماء وجعله كدرا ونحو ذلك أمكن منع العلية، نظرا إلى أنه حينئذ ليس من آثار حيثية الغسل، وإنما هو من آثار الوقوع وإن لم يقارنه الغسل، ولكنه لا يجدي نفعا إلا إذا لم يتحد الكونان بحسب الوقوع الخارجي.
وربما أمكن منعه بدعوى: أن الإفساد حينئذ وإن كان مترتبا على الوقوع لكنه من حيثية الغسل بمنزلة الجنس وهي بمنزلة الفصل، ولا ريب أن الجنس والفصل متحدان في الوجود الخارجي، فليس للفصل وجود سوى وجود الجنس، فالنهي متعلق بإيجاد هو بعينه إيجاد للغسل، ومعه لا يمكن تعلق الأمر به، ضرورة استحالة اجتماع الأمر والنهي.
ويمكن دفعه: بمنع اتحاد الكونين، ومنع كون الغسل فصلا للوقوع، بدعوى: أن الإفساد يترتب على الوقوع سواء وجد معه الغسل أو لا، فهو أمر زائد على كل من اللازم والملزوم، وما هذا شأنه لا يكون لازما لشئ منهما ولا ملزوما له، فلا يسري إليه النهي لا أصالة ولا تبعا.
وفيه: منع نفي كون الغسل ملزوما للوقوع، كيف وهو من مقدماته إن لم يقارن نيته