الكر الفعلي، بأن يتحد مع نفس الكر دون ما يرشح منه شيئا فشيئا، فمراده بعدم الكثرة الفعلية - كما تقدم الإشارة إليه أيضا - الكرية الفعلية فيما يحصل الاتحاد بينه وبين المتنجس التي هي مناط التطهير.
و كيف كان فالعبارات المذكورة من هؤلاء الأساطين صريحة في اعتبار الممازجة، غير أنه لا يتحقق بمجرد ذلك إجماع ولا شهرة في الاعتبار، فلا ندري أن دعوى الشهرة أو الأشهرية من أين حصلت؟ مع أنها معارضة بعباراتهم الاخر التي هي بين صريحة وظاهرة في عدم الاعتبار كما عرفته عن العلامة في كتبه المتقدم إليها الإشارة؛ (1) وعن ظاهر الشرائع وهو المحكي عن اللمعة، فيحتمل حينئذ رجوعهم عما بنوا عليه الأمر أولا من اعتبار الممازجة، مع أن التعليلات الواردة في عباراتهم المتقدمة تقضي بأنه ليس بشرط تعبدي، وإنما هو معتبر لإحراز الوحدة بين الماءين ورفع التمييز الذي يوجب لأن يلحق كل واحد حكمه السابق.
وإذا كان مناط الحكم هو هذا، فنحن نقول: إنه قد يتأتى مع عدم الممازجة أيضا، فقضية ذلك إناطة الحكم بالوحدة الرافعة للتمييز، وجعل الممازجة وغيرها كالدفعة - على ما بنينا عليه - مقدمة لها، فيقال باعتبار كل في موضع التوقف عليه لا مطلقا.
وقد ينقل في المقام قول ثالث، وهو التفصيل بين الجاري وماء الحمام وبين غيرهما، فيشترط الامتزاج في الأولين، ونسب إلى ظاهر المنتهى والنهاية والتحرير والموجز وشرحه (2) من حيث إنهم حكموا بالطهارة بتواصل الغديرين (3)، وعبروا في الجاري بأنه يطهر بالتدافع والتكاثر (4)، واعتبروا في طهارة ماء الحمام استيلاء الماء من المادة عليه إما مطلقا - كما في كتب العلامة - أو مع عدم تساوي سطح الطاهر والنجس كما في الأخيرين (5).
وبما ذكرناه في توجيه ما ذكروه في الجاري يظهر ضعف هذا الاستظهار بالنسبة إلى الجاري من العبارة المذكورة؛ وأما بالنسبة إلى ماء الحمام فقد قيل في رده: " بظهور