عام بالقياس إلى الجاري والحمام وغيرهما، فيتعارضان في قليل الجاري والحمام، والجمع وإن كان يحصل بتخصيص كل منهما، غير أن تخصيص الرواية بصورة الكرية أولى من تخصيص المفهوم بغير الجاري، لكون المخرج بالأول أقل منه بالثاني بمراتب شتى.
وفيه أيضا: أن المخرج عن كل من العامين - بناء على ارتكاب التخصيص في أحدهما - إنما هو ما دون الكر من الجاري، وهو شئ واحد لا يطرأه وصفا القلة والكثرة بالإعتبارين، بل لنا أن نقول: بأولوية تخصيص المفهوم، لكون عمومات الجاري من جهة أنها أقل أفرادا من المفهوم أظهر في العموم من المفهوم، كما لا يخفى.
وسابعها: عموم روايات وردت في خصوص الجاري، نافية لتنجيسه بشئ ما عدا التغير، كالمرسل المروي عن نوادر الراوندي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): " الماء الجاري لا ينجسه شئ " (1) وحديث دعائم الإسلام: " في الماء الجاري يمر بالجيف والعذرة والدم يتوضأ منه ويشرب، وليس ينجسه شئ ما لم يتغير أوصافه، طعمه ولونه وريحه " (2) والمحكي عن الفقه الرضوي: " واعلموا رحمكم الله: أن كل ماء جار لا ينجسه شئ " (3).
واعترض عليها: بكونها معارضة بإطلاقات أدلة إناطة الاعتصام بالكثرة، والتقييد في إطلاقات الجاري إخراج للفرد النادر، لأن ما لا يبلغ مع ما في المادة - بل بنفسه - كرا قليل، بخلاف تقييد الماء بغير الجاري في أدلة إناطة الاعتصام، فإنه إخراج للفرد المتعارف، وبالتأمل فيما ذكرناه تقدر على دفع ذلك، نظرا إلى أن المخرج ليس إلا قليل الجاري، سواء اعتبر إخراجه عن إطلاقات الجاري أو إطلاقات الاعتصام.
وأما ما يقال في دفعه: من أن الخارج من أدلة إناطة الاعتصام بالكثرة في مثل قوله (عليه السلام):
بعد السؤال عن الماء الذي لا ينجسه شئ: " أنه الكر من الماء " وقوله: " إذا كان الماء قدر كر لا ينجسه شئ " ونحو ذلك، هو مطلق الجاري، فيكون المقسم في هذه الأدلة هو الماء الراكد، وهذا أبعد من تقييد الجاري بما يبلغ كرا فضعفه أوضح من أن يوضح، ضرورة: أن التنافي لا يتأتى إلا بعد اختلاف الدليلين في مفاديهما، ومن البين أنه لا تنافي بين منطوق