ويظهر منه الميل إليه في الروضة (1)؛ قيل: وكذلك أيضا في روض الجنان (2)، وعن ولده صاحب المعالم: " أنه ذهب إليه في جملة من كتبه، إلا أن الذي استقر عليه رأيه بعد ذلك هو المذهب المشهور " (3) وعنه في الروض (4) عن جماعة من المتأخرين.
احتج الأولون بوجوه:
أحدها: الأصل، تمسك به غير واحد من الأساطين.
ويرد عليه: أنه إن اريد به القاعدة الكلية المستفادة عن عمومات الأدلة كتابا وسنة، فهي وإن كانت مسلمة، غير أنها لا ربط لها بالمقام، لأن الكلام في قبول الجاري للانفعال بالعارض وعدمه، والقاعدة إنما تقتضي طهارته في أصله وخلقته الأصلية، فهي في الحقيقة ساكتة عما نحن بصدده نفيا وإثباتا.
ومنه يعلم ضعف ما في كلام جملة منهم من الاحتجاج بالعمومات، وأضعف منه ما في كلام بعضهم من الاحتجاج بالخبر المستفيض " كل ماء طاهر حتى يعلم أنه قذر " (5) فإنه على ما قررناه سابقا عام في مورده وهو الشبهة في الموضوع، والمقام ليس منه، على أن العلم بالقذارة أعم من الشرعي، وهو قائم في المقام، بناء على عموم قاعدة انفعال القليل كما هو التحقيق؛ فلابد في الخروج عنه من مخصص والعام لا يصلح له، بل هو مما ينبغي تخصيصه بالقاعدة، ومن هنا ظهر جواب آخر عن العمومات والأصل بالمعنى المفروض، لو قلنا فيهما بالدلالة على عدم قبول الانفعال بالعارض عموما.
وإن اريد به قاعدة الطهارة أيضا ولكن بالمعنى الذي قرره صاحب المدارك. (6) من أن الأشياء كلها على الطهارة إلا ما نص الشارع على نجاسته لأنها مخلوقة لمنافع العباد، ولا يتم النفع إلا بطهارتها. ففيه:
أولا: منع منافاته أيضا لما نحن بصدده، إذ غاية ما فيه كون خلقة الأشياء على الطهارة، وهو لا ينافي عروض النجاسة من جهة الطوارئ.