و الطهورية، لاستقرار العادة في الأسئلة حيثما ذكر فيها العناوين مطلقة من غير تصريح بالحكم المسؤول عنه معها، بكون المقصود استعلام أحكامها الظاهرة التي أخذت هي في أصل الشرع عناوين لها بالأصالة، ومن المعلوم أن الحكم الذي يؤخذ " الماء " عنوانا له بالأصالة بحسب الشرع إنما هو الطهورية بالمعنى الشامل للطهارة و المطهرية، فمقصود السائل في تلك الرواية استعلام حكم ماء الحمام من حيث الطهارة أو المطهرية، لكن لا بالنظر إلى خلقته الأصلية، لأن ماء الحمام بحسب الخلقة ليس حاله إلا كحال ساير المياه، وقد ثبت طهوريتها كتابا و سنة على الإطلاق، فالغرض حينئذ استعلام بقاء طهوريته والعدم من جهة الطوارئ، فتنزيله في الجواب منزلة الجاري كناية عن بقائه على وصف الطهورية طهارة أو مطهرية وعدم ارتفاعها بسبب الطوارئ، ولا يستقيم ذلك إلا أن يكون الجاري أيضا حكمه كذلك كما لا يخفى.
وهذا مع ملاحظة الإطلاق الشامل للكرية و ما دونها عين المطلوب، سواء كان الغرض استعلام طهارته أو مطهريته.
فإن قلت: لو كان الغرض استعلام مطهريته لا يستلزم المطلوب، لجواز كون شبهة السائل زوال الطهورية عن الماء المستعمل في رفع الأحداث، ومع قيام هذا الاحتمال يسقط بها الاستدلال، لاستلزامه فيها الإجمال.
قلت: سياق السؤال في كونه سؤالا عن الطوارئ السالبة للطهارة أظهر منه في كونه سؤالا عن الطوارئ السالبة للطهورية لامن جهة الطهارة، مع أن الجواب لو دل على بقاء الطهورية - مع أن ماء الحمام محل لورود النجاسات عليه غالبا - لاستلزام بقاء الطهارة، ولا يقدح فيه عدم التعرض لحكم الطهارة أصلا و بالذات، بعد الجزم بثبوت الملازمة الشرعية بين الطهارة و الطهورية كما لا يخفى.
غاية الأمر كون هذه الاستفادة من باب الدلالة بالإشارة ولا بأس به بعد ملاحظة أنها أيضا من الدلالات المعتبرة.
وأما المرسلة: فلو لا الضعف في سندها بالإرسال وابن جمهور، أمكن الاستناد إليها بحمل " يطهر بعضه بعضا " على إرادة أنه يعصم بعضه الغير الملاقي للنجاسة البعض الآخر الملاقي لها كما هو الظاهر، بقرينة أن تطهير البعض للبعض بالمعنى الحقيقي - بناء على عدم الانفعال