وكون ذلك متفرعا على القول بنجاسة ماء الغسالة بعد الانفصال خاصة كما يأتي عن العلامة مما لا يصلح عذرا لفساد هذا القول من رأسه، كما يأتي بيانه.
وأما مقدار ما يبقى من البلة في حكم الطهارة، فهو من فروع كيفية الغسل ويأتي التعرض له في مباحث التطهير، إن شاء الله تعالى.
وثانيهما: قد عرفت سابقا أن القول بنجاسة ماء الغسالة مطلقا في كلام أهل القول بها محتمل لأن يكون حكمه كالمحل قبل الغسل، ولأن يكون كالمحل قبل الغسلة المطهرة كما صرح به في شرح الدروس (1)، والوجه في ذلك عدم تصريحهم باختيار شئ من ذلك، بل ولا إشعار في كلامهم باختيار أحد هذه الوجوه، لكون الحكم بالنجاسة واردا في كلامهم على الإطلاق كما صرح به في الحدائق (2)، فما في هذا الكتاب عن جملة من المتأخرين ومتأخريهم بالنسبة إلى هذا القول - أي القول بالنجاسة مطلقا - من أن حكم الغسالة كالمحل قبل الغسل (3) ليس على ما ينبغي، إن كان الغرض بيان كونه مذهب القائلين بهذا القول، والعجب عن صاحب هذا الكتاب أنه حيثما عنون هذا القول عنونه بعبارة مصرحة بكون حكمها كالمحل قبل الغسل، فيعتبر التعدد فيما تلاقيه متى كان التعدد معتبرا في المحل، ثم بالغ في إنكار هذا العنوان عند ذكر الفروع، قائلا - في دفع القول المشار إليه، المنقول عن جملة من المتأخرين ومتأخريهم -: " بأني لم أجد له أثرا في كلام القائلين بهذا القول، كالمحقق والعلامة، بل يحتمل أن مرادهم أنها في حكم المحل قبل الغسلة، إذ غاية ما يدل عليه كلامهم هو النجاسة، وأما أنه يجب فيما تلاقيه العدد المعتبر في المحل فلا " الخ (4).
ثم لا يخفى ما في اقتصاره على الاحتمال المذكور، إذ قد عرفت جريان احتمال ثالث في كلامهم.
وكيف كان: فتحقيق المسألة مبني على النظر في أن الأصل في تطهير النجاسات هل هو التعدد، أو الاكتفاء بالمرة؟ وله محل آخر يأتي إن شاء الله، ولكن الذي يقوى في نظري القاصر إلى أن يقع التأمل التام فيه في محله الآتي، هو الاكتفاء بالمرة، وفاقا