وإلا فلو لم يوجد في بعض موارد وجوده، أو لم ينتف في بعض موارد انتفائه لم يكن الشرط على الأول سببا، ولا على الثاني سببا منحصرا فيه، كما إليه يرجع كلام السيد المرتضى المنكر لحجية مفهوم الشرط، تعويلا على مجرد احتمال تعدد الأسباب، وكلاهما خلاف الفرض مما يظهر من قضية التعليق.
نعم، لا ضير في القول بوجود الجزاء مع انتفاء الشرط - في بعض الموارد - إذا علمنا بتعدد أسبابه من الخارج، كما علمناه في المثالين المتقدم إليهما الإشارة، حيث نعلم أن لعدم الخوف من آحاد الناس أسبابا كثيرة، منها: الخوف من الله، ولعدم إكرام كثير من آحاد الناس أسبابا كثيرة، منها: مجيء زيد، غير أنه خارج عن القول بحجية المفهوم، وارد على خلاف ما يظهر من اللفظ عرفا، من جهة القرينة الخارجة، ومع انتفائها فالمتبع هو الظاهر.
وقضية ذلك كون المفهوم من السلب الكلي الإيجاب الكلي، ومن الإيجاب الكلي السلب الكلي، ومعه لا مجال إلى إنكار عموم المفهوم في قضية قوله (عليه السلام): " إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ " (1)، وكون مفهومه الإيجاب الكلي القاضي بانفعال القليل بكل نجاسة " (2) انتهى محصلا.
ولعله مد ظله إنما أورد هذا الجواب في مقام الجدل، لما فيه من الكفاية في دفع كلام الخصم، لكونه دفعا لاعتراضه من الجهة التي سبقت إليه في توجيه هذا الاعتراض وليس جوابا تحقيقيا، وإلا فلا إشكال في أن إثبات العموم بالمعنى المذكور مما لا تحسم مادة الإشكال بالقياس إلى ما هو من محل البحث؛ إذ بعد تسليم أن كل نجس ينجس الماء القليل من غير استثناء شئ من أفراد النجس، ولا استثناء شئ من أفراد الماء، فالإشكال بالنسبة إلى أحوال الملاقاة على حاله، لجواز أن يقول أحد: بأنه لم يظهر من هذه القضية الكلية أن ملاقاة كل نجس سبب للانفعال في جميع أحوالها؛ إذ لا ملازمة بين العمومين، كما في قول القائل: " أحب كل عالم " حيث إنه لا يدل على أنه محبه في جميع أحواله.