١٠ باب المياه وأحكامها وما يجوز التطهر به وما لا يجوز).
قال الله تعالى ﴿وأنزلنا من السماء ماءا طهورا﴾ (1) فكل ماء نزل من السماء أو نبع من الأرض عذبا كان أو ملحا فإنه طاهر مطهر إلا أن ينجسه شئ يتغير به حكمه.
وجه الدلالة من الآية ان الله تعالى قال: (وأنزلنا من السماء ماءا طهورا) فأطلق على ما وقع اسم الماء عليه بأنه طهور، والطهور هو المطهر في لغة العرب فيجب أن يعتبر كما يقع عليه اسم الماء بأنه طاهر مطهر الا ما قام الدليل على تغيير حكمه، وليس لاحد أن يقول إن الطهور لا يفيد في لغة العرب كونه مطهرا لان هذا خلاف على أهل اللغة لأنهم لا يفرقون بين قول القائل هذا ماء طهور وهذا ماء مطهر.
فان قال قائل: كيف يكون الطهور هو المطهر واسم الفاعل منه غير متعد وكل فعول ورد في كلام العرب متعديا لم يكن متعديا إلا وفاعله متعد فإذا كان فاعله غير متعد ينبغي أن يحكم بان فعوله غير متعد أيضا، لا ترى ان قولهم ضروب إنما كان متعديا لان الضارب منه متعد وإذا كان اسم الطاهر غير متعد يجب أن يكون الطهور أيضا غير متعد.
قيل له هذا كلام من لم يفهم معاني الألفاظ العربية وذلك أنه لا خلاف بين أهل النحو ان اسم الفعول موضوع للمبالغة وتكرر الصفة ألا ترى انهم يقولون فلان ضارب ثم يقولون ضروب إذا تكرر منه ذلك وكثر، وإذا كان كون الماء طاهرا ليس مما يتكرر ويتزايد فينبغي أن يعتبر في اطلاق الطهور عليه غير ذلك، وليس بعد