ومنها: ما لو كان الطول ثمانية أشبار، والعرض شبرا ونصفه، والعمق شبرا و هكذا إلى آخر ما يمكن فرضه، و لا يذهب عليك أن اختلاف هذه الفروض ليس اختلافا في مقدار الماء، بل هو اختلاف يحصل في أوضاعه وأشكاله على حسبما يفرض.
وعلى الثاني: يكون موافقا له كليا فلا اختلاف بينهما حينئذ في المعنى، بل هو اختلاف في اللفظ والاعتبار.
وعلى الثالث: قد يوافقه وقد يخالفه، وقد يقرب منه وقد يبعد منه، ومن هنا قد يقال: إنه قد يكون كالمشهور كما إذا كان كل من أبعاده الثلاثة ثلاثة ونصفا، وقد يقرب منه كما لو فرض طوله ثلاثة أشبار وعرضه ثلاثة وعمقه أربعة ونصفا، فإن مساحته حينئذ أربعون شبرا ونصف، وقد يبعد منه جدا كما لو فرض طوله ستة وعرضه أربعة وعمقه نصف شبر، فإن مساحته إثنا عشر شبرا، وأبعد منه ما لو فرض طوله تسعة أشبار وعرضه شبرا واحدا وعمقه نصف شبر، فعلى كلامه يكون مثل ذلك كرا وإن كان تبلغ مساحته على تقدير الضرب أربعة أشبار ونصف.
وبجميع ما ذكر ينقدح أنه لم يتبين مخالفته للمشهور، فإن رجع دعواه إلى ما يوافقه كليا كما يرشد إليه أنهم لم يذكروه مخالفا للمعظم، وإنما ذكره في المختلف (1) وغيره في فروع التحديد بثلاثة أشبار ونصف وأن المعظم يعتبرون في الأبعاد الضرب وهو لا يعتبره، لا أنه يعتبر عدمه وإلا فيرده ظاهر الأخبار وصريح فتاوي الأخيار من اعتبار الضرب في تقدير الكر، مضافا إلى أنه لو بنى على ما فهمه لكان منافيا لحكمة الحكيم، من حيث إنه أناط الكرية العاصمة للماء عن الانفعال بما يختلف أفراده اختلافا شديدا، وما لا يستقر على شئ ولا ينضبط في حد، فيكون التحديد الذي تعرض له الشارع واحتاج إليه المحتاجون من المكلفين والسائلون عن الأئمة المعصومين (عليهم السلام) بمنزلة عدمه وهو كما ترى نقض للغرض و تعمية للمكلف، وإرشاد له إلى ما يعسر معرفته على التعيين، بل ما يتعذر تعيينه على وجه يرتفع به الحاجة.
ومنها: ما عرفت عن صاحب المدارك (2) مع مستنده، وهو صحيحة إسماعيل ابن جابر قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) الماء الذي لا ينجسه شئ؟ قال: " ذراعان عمقه في