بقي الكلام في شئ، وهو أن كثيرا من الأصحاب (1) صرحوا في كثير من الواجبات والمستحبات (2) التي يحرم أخذ الأجرة عليها (3) بجواز ارتزاق مؤديها من بيت المال المعد لمصالح المسلمين.
وليس المراد أخذ الأجرة أو الجعل من بيت المال، لأن ما دل على تحريم العوض لا فرق فيه بين كونه من بيت المال أو من غيره (4)، بل حيث استفدنا من دليل الوجوب كونه حقا للغير يجب أداؤه إليه عينا أو كفاية، فيكون أكل المال بإزائه أكلا له بالباطل، كان (5) إعطاؤه العوض من بيت المال أولى بالحرمة، لأنه تضييع له وإعطاء مال المسلمين بإزاء ما يستحقه المسلمون على العامل.
بل المراد أنه إذا قام المكلف بما يجب عليه كفاية أو عينا، مما يرجع إلى مصالح المؤمنين (6) وحقوقهم - كالقضاء والإفتاء والأذان والإقامة ونحوها - ورأي ولي المسلمين المصلحة في تعيين شئ من بيت