نعم، يستثنى من الواجب الكفائي ما علم من دليله صيرورة ذلك العمل حقا للغير يستحقه من المكلف، كما قد يدعى (1) أن الظاهر من أدلة وجوب تجهيز الميت أن للميت حقا على الأحياء في التجهيز، فكل من فعل شيئا منه في الخارج فقد أدى حق الميت، فلا يجوز أخذ الأجرة عليه، وكذا تعليم الجاهل أحكام عباداته الواجبة عليه وما يحتاج إليه، كصيغة النكاح ونحوها، لكن تعيين هذا يحتاج إلى لطف قريحة.
هذا تمام الكلام في أخذ الأجرة على الواجب، وأما الحرام فقد عرفت عدم جواز أخذ الأجرة عليه (2).
وأما المكروه والمباح فلا إشكال في جواز أخذ الأجرة عليهما.
وأما المستحب - والمراد منه ما كان له نفع قابل لأن يرجع إلى المستأجر، لتصح الإجارة من هذه الجهة - فهو بوصف كونه مستحبا على المكلف لا يجوز أخذ الأجرة عليه، لأن الموجود من هذا الفعل في الخارج لا يتصف بالاستحباب إلا مع الاخلاص الذي ينافيه إتيان الفعل، لاستحقاق المستأجر إياه، كما تقدم في الواجب (3).
وحينئذ، فإن كان حصول النفع المذكور منه متوقفا على نية القربة لم يجز أخذ الأجرة عليه، كما إذا استأجر من يعيد صلاته ندبا ليقتدي به، لأن المفروض بعد الإجارة عدم تحقق الإخلاص، والمفروض مع