دلت هذه الرواية على أن شراء الصدقات من الأنعام والغلات من عمال السلطان كان مفروغ الجواز عند السائل، وإنما سأل أولا: عن الجواز مع العلم الإجمالي بحصول الحرام في أيدي العمال، وثانيا: من جهة توهم الحرمة أو الكراهة في شراء ما يخرج في الصدقة، كما ذكر في باب الزكاة (1)، وثالثا: من جهة كفاية الكيل الأول.
وبالجملة، ففي هذه الرواية - سؤالا وجوابا - إشعار بأن الجواز كان من الواضحات الغير المحتاجة إلى السؤال، وإلا لكان أصل الجواز أولى بالسؤال، حيث إن ما يأخذونه باسم الزكاة معلوم الحرمة تفصيلا، فلا فرق بين أخذ الحق الذي يجب عليهم، وأخذ أكثر منه.
ويكفي قوله عليه السلام: " حتى يعرف الحرام منه " في الدلالة على مفروغية حل ما يأخذونه من الحق، وأن الحرام هو الزائد، والمراد بالحلال هو الحلال بالنسبة إلى من ينتقل إليه وإن كان حراما بالنسبة إلى الجائر الآخذ له، بمعنى معاقبته على أخذه وضمانه وحرمة التصرف في ثمنه.
وفي وصفه عليه السلام للمأخوذ بالحلية دلالة على عدم اختصاص الرخصة بالشراء، بل يعم جميع أنواع الانتقال إلى الشخص، فاندفع ما قيل: من أن الرواية مختصة بالشراء فليقتصر في مخالفة القواعد عليه (2).