ما وجب مطلقا بالأصالة كالنفقات، أو بالعارض كالمنذور ونحوه (1)، انتهى كلامه رفع مقامه.
وفيه: أن وجوب الصناعات ليس مشروطا ببذل العوض، لأنه لإقامة النظام التي هي من الواجبات المطلقة، فإن الطبابة والفصد والحجامة وغيرها - مما يتوقف عليه بقاء الحياة في بعض الأوقات - واجبة، بذل له العوض أم لم يبذل.
السابع - أن وجوب الصناعات المذكورة لم يثبت من حيث ذاتها، وإنما ثبت من حيث الأمر بإقامة النظام، وإقامة النظام غير متوقفة على العمل تبرعا، بل تحصل به وبالعمل بالأجرة، فالذي يجب على الطبيب لأجل إحياء النفس وإقامة النظام هو بذل نفسه للعمل، لا بشرط التبرع به، بل له أن يتبرع به، وله (2) أن يطلب الأجرة، وحينئذ فإن بذل المريض الأجرة وجب عليه العلاج، وإن لم يبذل الأجرة - والمفروض أداء ترك العلاج إلى الهلاك - أجبره الحاكم حسبة على بذل الأجرة للطبيب، وإن كان المريض مغمى عليه دفع عنه وليه، وإلا جاز للطبيب العمل بقصد الأجرة فيستحق الأجرة في ماله، وإن لم يكن له مال ففي ذمته، فيؤدى في حياته أو بعد مماته من الزكاة أو غيرها.
وبالجملة، فما كان من الواجبات الكفائية ثبت من دليله وجوب نفس ذلك العنوان، فلا يجوز أخذ الأجرة عليه، بناء على المشهور، وأما ما أمر به من باب إقامة النظام، فإقامة النظام تحصل ببذل النفس