كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - ج ٢ - الصفحة ٥٩٧
فيكون أولي بالتقديم دون ما إذا دخل الحلق ماء مضمضة وضوء الصلاة فإنه لا يجب به قضاء وعليه يحمل اطلاق رواية الساباطي عن الرجل يتمضمض فيدخل في حلقه الماء وهو صائم قال ليس عليه شئ إذا لم يتعمد ذلك حمل المطلق على المقيد أعني روايتي سماعة ويونس المتقدمتين وهل الحكم كذلك في وضوء مطلق الصلاة ولو كانت نفلا أم يختص بالفريضة لا يبعد القول بالثاني لرواية الحلبي في الصائم يتوضأ للصلاة فيدخل الماء حلقه قال إن كان وضوئه لصلاة فريضة فليس عليه قضاء وإن كان وضؤه لصلاة نافلة فعليه القضاء وقريب منها رواية يونس المتقدمة ولكن العمل بمضمونها موقوف على صحتها أو ثبوت الجابر ولم أعثر على الثاني وقد وصف الأولى بالصحة جمع وليس يحضرني من كتب الرجال ما أتحقق به حالها مع أنه حكى عن المنتهى والخلاف ظهور الاجماع على عدم الافساد ما إذا كان ذلك من وضوء مطلق الصلاة وهل يلحق بوضوء صلاة الفريضة إزالة النجاسة عن ظاهر الفم أو التمضمض للتداوي إذا سبق شئ إلى الحلق الظاهر نعم لا لما قيل من ثبوت الاذن فيه بل الامر به من الشارع فلا يتعقبه شئ لمنع الاستلزام بل للأصل السالم عن الوارد عدا اطلاق ذيل رواية يونس وهي مقطوعة غير مجبورة ومثل ذلك الاستنشاق إذا سبق شئ من الماء إلى الحلق فإنه لا يوجب قضاء للأصل خلافا لبعض فالحقوه بالمضمضة ودليله غير واضح بل قيل لعدم الدليل على كون تعمد ادخال الماء من الانف إلى الحلق مفسدا للصوم وهو جيد لعدم انصراف الشرب إلى مثله الا ان يكون اجماعيا ومما يوجب الافطار المستلزم لوجوب القضاء معاودة الجنب للنوم ثانيا بان يجنب ثم ينام ثم يستيقظ ثم ينام حتى يطلع الفجر فالنوم الذي يقع فيه الاحتلام لا يعد نوما أولا على الظاهر وهذا الحكم مشهور بل حكى عليه الاجماع مستفيضا ويدل عليه رواية معوية بن عمار عن الرجل يجنب أول الليل ثم ينام حتى يصبح في شهر رمضان قال ليس عليه شئ قلت فإنه استيقظ ثم نام حتى أصبح قال فليقض ذلك اليوم عقوبة ومثلها الرضوي المنجبر ضعفه بمامر إذا أصابتك جنابة في أول الليل فلا باس بان تنام متعمدا وفي نيتك ان تقوم وتغتسل قبل الفجر فان غلبك النوم حتى تصبح فليس عليك شئ الا أن تكون انتبهت في بعض الليل ثم نمت وتوانيت وكسلت فعليك صوم ذلك اليوم وإعادة يوم اخر مكانه وقد يستدل على ذلك برواية ابن أبي يعفور الرجل يجنب في شهر رمضان حتى يستيقظ ثم ينام حتى يصبح قال يتم صومه ويقضى يوما وان لم يستيقظ حتى يصبح أتم يومه وجاز له وفي بعض النسخ بدل حتى ثم يستيقظ وفيه نظر لأن الظاهر من الرواية وجوب القضاء للنوم الأول لان المراد من الاستيقاظ الاستيقاظ عن النوم الذي فيه الجنابة وقد عرفت انه لا بعد من نوم الجنب فتأمل ثم مقتضى اطلاق الرواية والرضوي كفتاوى الأصحاب على ما حكى عدم الفرق في وجوب القضاء بين ان يقع النوم الثاني مع نية الغسل وعدمها وليس كالنوم الأول في سقوط القضاء إذا وقع مع نية الغسل إذا عزم على ترك الاغتسال وفي الافطار بإمناء عقيب النظر إلى المحرمة إذا لم يقصده ولم يعتده عقيبه اشكال قيل منشاؤه من حيث إنه فعل محرما فأنزل فأشبه ما لو استمنى بيده ومن أصالة صحة الصوم وعدم الدليل على شئ من القضاء والكفارة أقول لا وجه للوجه الأول من وجهي الاشكال والمعتمد هو الوجه الثاني لا لما ذكره من أصالة صحة الصوم لما عرفت سابقا من عدم أصالة هذا الأصل بل لما ذكره أخيرا من عدم الدليل على وجوب القضاء ولا الكفارة نعم في بعض الروايات ما يومى إلى كونه مفسدا كرواية الحلبي عن الرجل يمس من المرأة شيئا أيفسد ذلك صومه أو ينقضه فقال إن ذلك ليكره للرجل الشاب مخافة ان يسبقه المنى ونحوها روايات آخر فان فيها اشعارا بل دلالة على أن كراهة المس لخوف حصول الفساد بنزول المنى وقريبة منها غيرها ولكن التعويل على هذه الدلالة في الحكم بلزوم القضاء المخالف للأصل وعموم رواية محمد بن مسلم الحاصرة المتقدمة بل وغيرها مما يشعر بل يدل على الحصر فيما ليس هذا منه مشكل ومما يوجب الافطار أيضا ابتلاع بقايا الغذاء من بين الانسان عمد الصدق الاكل عليه وقد يتأمل في ذلك إما لمنع الصدق واما لخصوص ما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان قال سئل أبو عبد الله (ع) عن الرجل الصائم يقلس فيخرج منه الشئ أيفطره ذلك قال لا قلت فان ازدرده بعد أن صار على لسانه قال لا يفطره ذلك وليس في محله لان منع الصدق مكابرة ودعوى الانصراف إلى غير مثله غير مسموعة لأنها إن كانت بالنسبة إلى المأكول جنسا أو قدرا فلا وجه لها إذ لافرق بين شئ من الخبز واللحم يبقى بين الأسنان وبين وضع شئ منهما في الفم في نهار رمضان نعم قد يستحيل بين الأسنان بحيث لا يصدق عليه الغذاء وحينئذ فلو قلنا باختصاص الاكل المفطر بالمعتاد صحت المناقشة لكنك قد عرفت شموله لغيره أيضا وان لم ينصرف إليه اللفظ وإن كانت بالنسبة إلى هيئة الاكل حيث إنه يتبادر منه وضع شئ في الفم ثم ازدراده فلا يخفى ان هذه البقية أيضا موضوعة في الفم نعم في (زمان) جواز ازدرادها وليس الوضع جزء من مهية الاكل يقال إنه لم يتحقق ماهية الاكل بتمامها أو مما ينصرف إليه الذهن من لفظه ولذا لو وضع لقمة خبز في فمه في الليل وامسكه إلى طلوع الفجر فسد صومه بازدرادها اجماعا واما الرواية فتارة يجاب عنها بالفرق بين ازدراد القلس وازدراد بقايا الغذاء فيصدق الاكل على الثاني دون الأول وفيه نظر واخرى باحتمال كون لا في قوله لا يفطره حرف جواب أي لا يزدرده يفطره ذلك وهو بعيد وثالثة بامكان الفرق بينهما في الحكم فلا يفسد الأول للنص دون الثاني لان الحاقه به قياس والأسلم في الجواب عنها ان يقال بطرحها عن الحجية لمخالفتها للمشهور بل لاطلاقات الاجماعات المدعاة على افساد الاكل ولو لم يكن معتادا نعم لا باس بالتوجيهات السابقة في مقام التأويل واحترز بقيد التعمد عما لو ابتلع شيئا منها سهوا أو سبق إلى الحلق بغير اختيار فإنه لا يفطر لما دل على اختصاص الافساد بفعل المفطر عمدا ونفى الحكم عن غيره وقد قيل بالافساد إذا قصر في التخليل ولا أعثر على مستنده وفي الحاق العابث بالمضمضة أو طرح الخرز وشبهه في الفم مع ابتلاعه من غير قصد بالتبرد اشكال من الأصل ومن فحوى ما دل على الافساد بالمضمضة لوضوء النافلة بل اطلاق ذيل رواية يونس المتقدمة لكن العمل بالفحوى موقوف على ثبوت الحكم في الأصل أولا وقد عرفت التأمل فيه وعلى حجية الأولوية ثانيا ولا دليل عليها واما رواية يونس فقد عرفت كونها مقطوعة ولا جابر لها في المقام واما طرح الخرز وشبهه فأولى بعدم الدليل فعدم الالحاق أولي وإن كان هو أحوط واحترز بالقيد عما لو اتباعه عمدا فإنه يوجب الافساد قطعا بناء على الافساد بمطلق الاكل وإن كان غير معتاد وكذا الكلام في الحاق وصول الدؤا إلى الجوف من الإحليل بالحقنة
(٥٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 592 593 594 595 596 597 598 599 600 601 602 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في غسل الأموات 275
2 في وجوب توجيه الميت إلى القبلة عند الاحتضار 278
3 في كيفية غسل الميت 288
4 في كيفية تكفين الميت 296
5 في دفن الأموات 315
6 في مس الميت 318
7 في غسل الجمعة 321
8 في الأغسال المستحبة 325
9 في النجاسات 335
10 في البول والغائط 336
11 في المني من كل حيوان ذي نفس سائلة 338
12 في احكام الميتة 339
13 في احكام الدم المسفوح 344
14 في احكام الكلب والخنزير 346
15 في الكافر بجميع أقسامه 348
16 في حكم المخالف لأهل الحق 351
17 في المسكرات المائعة 359
18 في حكم الفقاع 367
19 في العفو عن الدم في ما دون الدرهم 373
20 في ما لا يتم الصلاة فيه 375
21 في بول الرضيع 378
22 فيما تجففه الشمس 381
23 فيما أحالته النار 382
24 في أن الأرض تطهر باطن النعل والقدم 383
25 في الانقلاب 385
26 في الاسلام 388
27 في انتقال النجاسة 390
28 في أواني الذهب والفضة 391
29 في ولوغ الكلب 394
30 في العدالة 402
31 في القضاء عن الميت 415
32 في المواسعة والمضايقة 424
33 في قاعدة من ملك شيئا ملك الاقرار به 447
34 في قاعدة نفي الضرر 452
35 كتاب الزكاة في شرائط وجوب الزكاة وأنه لا زكاة على الطفل 458
36 في أنه لا زكاة على المملوك 462
37 في أنه لا زكاة في المغصوب 464
38 في أنه لا زكاة في الوقف 465
39 في اعتبار البلوغ في زكاة النقدين 471
40 في أنه لا زكاة في مال العبد 472
41 الأقوال في ملكية العبد 475
42 في زكاة الدين 477
43 في اعتبار السوم في زكاة الأنعام 480
44 في حول السخال 483
45 في جواز اخراج القيمة عن العين في زكاة الغلات والنقدين 485
46 في زكاة مال التجارة 494
47 في شروط الزكاة في مال التجارة 495
48 في حرمة زكاة غير الهاشمي على الهاشمي 510
49 في متولي اخراج الزكاة 512
50 في حرمة نقل الزكاة من بلد إلى بلد آخر 513
51 في زكاة الفطرة 517
52 في وقت زكاة الفطرة 521
53 كتاب الخمس 525
54 في اختلاط مال الحلال بالحرام واحكامه 540
55 في بيان المراد بذي القربى 546
56 في الأنفال 553
57 كتاب الصوم وبيان معناه لغة وشرعا واحكامه وشرائط 572