الكفارة منوط بحصول مهية هذه الأفعال وهي يصدق مع الاتحاد والتعدد والأصل براءة الذمة وفيه نظر حاصله ان ما دل على وجوب الكفارة بالافطار في شهر رمضان لا يثبت الكفارة الا لأول ما يرتكب من الفسدات لأنه المفطر دون ما يقع بعده وان وقع في زمان يجب الامساك فيه الا انه لا يسمى افطارا وكذا ما دل على وجوب الكفارة لخصوص بعض الأسباب كالجماع والاستمناء فان الظاهر المتبادر من السؤال عن وقوعها في شهر رمضان وقوع الافطار بها فلا يشمل المتكرر منها نعم روى عن الرضا (ع) ان الكفارة تتكرر بتكرر الوطي لكن الرواية غير معلومة السند ولا جابر لها ويعزر المفطر مع العلم والتعمد بما يراه الحاكم فان تخلل التعزير مرتين فلم ينفعه وعاد قتل في الثالثة وفاقا للأكثر بل هو المشهور كما حكى لرواية سماعة عن رجل اخذ في شهر رمضان وقد اخذ ثلث مرات وقد رفع إلى الإمام (ع) ثلث مرات قال فليقتل في الثالثة مضافا إلى عموم الرواية أصحاب الكبائر إذا أقيم عليهم الحد مرتين قتلوا في الثالثة وقيل يقتل في الرابعة للرواية المرسلة الدالة على أن أصحاب الكبائر يقتلون فيها وهي على ضعفها و خلوها عن الجابر مختصة برواية سماعة المعتضدة بالرواية العامة ولو أكره زوجته على الجماع فعليه كفارتان لرواية الفضل بن عمر عن أبي عبد الله (ع) في رجل اتى أهله وهو صائم وهي صائمة فقال إن استكرهها فعليه كفارتان وإن كانت مطاوعة فعليه كفارة وعليها كفارة وإن كان أكرهها فعليه ضرب خمسين سوطا نصف الحد وإن كانت طاوعته ضرب خمسة وعشرين سوطا وضربت خمسة وعشرين سوطا وضعفها منجبر بعمل العلماء على ما حكى عن المحقق أنه قال إن علمائنا ادعوا على ذلك اجماع الامامية خلافا للمحكى عن العماني فأوجب عليها كفارة واحدة وهو ضعيف عديم المستند مع أن مقتضى ما ذكر سابقا من معذورية المكره ان لا يفسد صومها ويفسد لو طاوعته وهو واضح ولا فرق بين المطاوعة ابتداء وفي الأثناء ولا يتحمل الكفارة حينئذ للأصل وعمومات أدلة وجوبها على المفسد وخصوص رواية المفضل المتقدمة ويعزر كل واحد منهما مع المطاوعة بخمسة وعشرين سوطا ومع اكراهها يضرب الزوج خمسين سوطا كما في الرواية والأقرب التحمل عن الأجنبية والأمة لفحوى تحمله عن زوجته وصدق الأهل على الأمة وفيه منع اعتبار الفحوى سيما مع قوة احتمال كون عظم الذنب مانعا عن الكفارة كما في إعادة الصيد للحرم وصدق الأهل على الأمة لو سلم فانصرافه إلى غيره واضح فلا مخرج عن الأصل ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط و مثله الكلام فيما لو أكرهته فان مقتضى الأصل عدم تحملها الكفارة عنه ولو تبرع متبرع بالتكفير عن الميت أجزء عنه * فروع * الأول: لو طلع الفجر لفظ ما في فيه من الطعام فان ابتلعه كفروا وجهه قدر الثاني يجوز لمريد صوم الغد الجماع في الليل إلى أن يبقى الطلوع الفجر مقدار فعله والغسل بناء على الأظهر الأشهر من حرمة البقاء على الجنابة فان علم التضيق فواقع كفر على ما مر ولو ظن السعة ولو بالاستصحاب فان راعى بنفسه فلم يعلم بالطلوع فجامع فتبين وقوعه في النهار فلا شئ من الاثم والقضاء والكفارة عليه لما مر من ذيل رواية معوية بن عمار في أمر الجارية فإنها وان اختصت بالاكل والشرب الا ان الظاهر عدم القول بالفصل وفي حكم المراعاة اخبار من يجوز التعويل على خبره شرعا وكذا لو لم يتمكن من المراعاة ففعل المفطر تعويلا على مجرد الاستصحاب على الظاهر لما عرفت من عدم الدليل على القضاء في هذه الصورة والا أي وان لم يراع مع التمكن ولا اخبره من يكون قوله حجة شرعا فالواجب القضاء خاصة لما مر من الروايات ولا كفارة لعدم الدليل عليها الثالث لو أفطر المنفرد برؤية هلال رمضان في يوم شك فيه غيره من الناس اثم لتعبده بمقتضى علمه ووجب القضاء والكفارة عليه لأنه أفطر في نهار رمضان متعمدا من غير عذر وعدم علم غيره بكونه من رمضان أو علمه بعدمه لا يجدى مع علمه فان كلا مكلف بعلمه والظاهر عدم الخلاف فيه الا عن أبي حنيفة قفى الكفارة محتجا بوجهين سخيفين الرابع لو سقط عن المكلف فرض الصوم بعد افساده بان ظن سلامته من موانع الصوم ووجد انه لجميع شروطه ولم يصم أو أفسده في أثناء النهار بعد قصده في أوله ثم عرض له بعض مسقطات الصوم فالمحكى عن الأكثر عدم سقوط الكفارة بل حكى عن الشيخ في الخلاف دعوى الاجماع عليه وكان لمطلقات وجوب الكفارة بفعل المفطر مع وجوب الامساك عنه وهذا صادق بالنسبة إلى حال هذا الشخص وفيه انه ان أريد انه يصدق على هذا الشخص انه أفطر يوما من رمضان من غير عذر فهو مسلم الا ان الظاهر منها بحكم التبادر اختصاصها باليوم الذي استجمع المكلف فيه للشرائط إلى اخره ولو لم يسلم الظهور في ذلك فلا أقل من كون اللفظ مجملا بالنسبة إلى اليوم الذي فقد المكلف بعض الشرائط في أثنائه فان المطلقات المشككة على قسمين قسم يتبادر منه الفرد الشايع بحيث يعلم عدم إرادة القدر المشترك الشامل للنادر وقسم منهما يتردد الامر بين إرادة القدر المشترك لكونه هو الموضوع له وبين إرادة خصوص الفرد الشايع بقرينة الشيوع نظير المجاز المشهور بل هو هو في الحقيقة والأدلة الدالة على أن من أفطر يوما من رمضان متعمدا فعليه كذا و كذا لو لم نقل بكونها من قبيل الأول فغاية الامر ان يكون من قبيل الثاني وأياما كان فلا يستفاد منها حكم اليوم الذي لهو المانع في أثنائه فيرجع في حكم الافطار فيه قبل طرو المانع إلى الأصل وان أريد انه يصدق عليه انه فعل المفطر في زمان يجب الامساك عليه فهو مسلم لكن لا دليل على وجوب الكفارة بالافطار في زمان يجب الامساك وانما المستفاد منها وجوبها على من أفطر يوما من رمضان وقد عرفت انها لا ينصر ف إلى المقام وعلى هذا فالأقرب سقوط الكفارة ثم إن المصنف وولده فخر الاسلام وغيرهما بنوا وجوب الكفارة في هذه المسألة على مسألة أصولية وهي جواز أمر الآمر مع علمه بانتفاء الشرط وعدمه فعلى الأول تجب الكفارة لوجوب الصوم عليه وعلى الثاني لا تجب لعدم وجوب الصوم عليه لعلم الله سبحانه بانتفاء شرط الصوم في هذا اليوم قال في المدارك وعندي في هذا البناء نظر إذ لا منافاة بين الحكم بامتناع التكليف بالفعل مع علم الامر بانتفاء الشرط كما هو الظاهر وبين الحكم بثبوت الكفارة لتحقق الافطار في صوم واجب بحسب الظاهر كما هو واضح انتهى أقول وللتأمل في كل من البناء المذكور والنظر فيه مجال إما في البناء فلانه ليس في الأخبار الدالة على وجوب الكفارة ما يدل على اناطتها بوجوب الصوم على المكلف مثلا قوله (ع) من أفطر يوما من شهر رمضان فعليه كذا مطلق يشمل من كان واجد الشروط لصوم في تمام اليوم ومن كان فاقدا لها أو لبعضها كذلك ومن كان واجدا لها في بعض اليوم فاقدا لها في البعض الأخر سواء أفطر بعد حصول العذر أو قبله عالما بأنه سيطرئ العذر أو غير عالم به كما هو فرض مسئلتنا ومع عدم الدليل على خروج بعض الافراد لابد من الحكم بالبقاء تحت الاطلاق والمتيقن خروج الفرد الثاني ولا دليل على خروج غيره ومنه الفرد الأخير
(٦٠١)