والمراد بالبلاد المتقاربة كما عن المسالك والمدارك والكفاية ما لم يختلف مطالعها كبغداد وكوفة ونحوهما وهل يثبت للبلاد المتباعدة مطلقا كما عن موضع من المنتهى والتحرير وعن التذكرة حكايته عن بعض علمائنا أو لا يثبت مطلقا كما عن المحقق في المعتبر والشرائع والمصنف هنا وفي القواعد وعن الجامع والمسالك ومجمع الفائدة وحكى عن الشيخ وفي المناهل الظاهر أنه مذهب المعظم أو يثبت بشرط امكان تحققه فيها وعدم العلم بعدم وجدانه فيها فان علم بعدم وجوده في الآفاق المتباعدة باعتبار اختلاف المطالع وكروية الأرض فلا يعمهم حكم ثبوت الهلال وهو المحكي عن المصنف في المنتهى والتحرير بعد اختيار القول الأول واستجوده في المدارك كما حكى وربما ينسب إلى المحقق قده انه مع العلم بأنه متى رأى في بلد يعلم أنه مع ارتفاع الموانع يجب ان يرى في البلد الأخر كانت الرؤية رؤية لذلك الأخر وأما إذا تباعدت البلدان تباعدا يزول معه هذا العلم فإنه لا يجب ان يحكم لها بحكم واحد في الأدلة لان تساوى عروضها لا يعلم الا من أصحاب الأرصاد وأرباب النجوم وهو طريق غير معلوم والظاهر من التباعد في هذا الكلام هو من حيث المسافة ليجامع تساوى العروض وعدمه والمراد بالتباعد على التفسير ان يحصل اختلاف العروض الموجب لاختلاف المطالع للقول الأول اطلاق ما دل من الاخبار على أنه إذا ثبت الرؤية في بلد وجب على من لم يثبت الرؤية عندهم قضاء ذلك اليوم مثل مصححة هشام فيمن صام تسعا وعشرين قال إن كان له بينة عادلة على أهل مصر انهم صاموا ثلثين على رؤية قضى يوما ونحوها محسنة أبي بصير في قضاء يوم الشك قال لا تقضه الا ان تشهد شاهدان عدلان من جميع المسلمين انه متى كان رأس الشهر وقال لا تصم ذلك اليوم الا ان يقضى أهل الأمصار فان فعلوا فصمه إلى غير ذلك من مثل هذه الأخبار وقد يضاف إلى ذلك أنه يصدق انه أهل شهر رمضان فيجب الصوم وفيه نظر لمنع الصدق بالنسبة إلى أهل هذا البلد كما لو فرض طلوع الفجر بالنسبة إلى بعض وعدم طلوعه بالنسبة إلى آخرين فان شهادة الرؤية في بلد انما تنفع لأهل البلد الأخر بعد مقدمة مفروغ عنها وهي ان اهلال الهلال على الأولين اهلاله على الآخرين فكان الشاهد شهد باهلال الهلال على أهل هذا البلد الأخر واما الاخبار فالظاهر منها بحكم الغلبة البلاد المتقاربة مع أن الظاهر أن الاطلاق في بيان حكم انكشاف كون يوم الشك من رمضان لا في مقام بيان الكاشف وانه يحصل بمجرد رؤيته في بلد من البلاد ولو كان في غاية البعد فكما لا دلالة في هذا الاطلاق على الشروط المعتبرة في البينة فكذا لا دلالة على الشروط المعتبرة في البلد من القرب والبعد بل المراد بيان حكم الانكشاف بعد فرض ثبوت الكاشف وللقول الثاني ان التباعد يوجب العلم بعدم ثبوت الهلال للبلد الأخر أو عدم العلم وهو كاف في عدم الخروج عن الأصل واطلاق الاخبار وقد عرفت انها بعد الفراغ عن دلالة البينة على المدعى وهو اهلال الشهر على أهل البلد اللازم من اهلاله على بلد الرؤية * (من هنا في شرح القواعد) * وكذا يفسد الصوم بفعل المفطر مع الغلط بالغروب للتقليد الغير المجوز له أو الظلمة الموهمة إما الحكم بالفساد ووجوب القضاء في الأول فمشهور بل عن الخلاف والغنية الاجماع عليه لكن مع الشك في دخول الليل ولو أريد بالشك في كلامهما مطلق الاحتمال كما هو متعارف في الأخبار الواردة في الشكوك الواقعة في الصلاة بل وفتاوى القدماء كما قيل عم الاجماعان المحكيان لصورة الظن مضافا إلى عموم التعليل في ذيل رواية سماعة عن أبي عبد الله (ع) في قوم صاموا شهر رمضان فغشيهم سحاب اسود عند غروب الشمس فرأوا انه الليل فأفطر بعضهم فقال على الذي أفطر صيام ذلك اليوم ان الله عز وجل يقول أتموا الصيام إلى الليل فمن اكل قبل ان يدخل الليل فعليه قضائه لأنه اكل متعمدا وضعفها منجبر بما عرفت وقد يمنع دلالتها على وجوب القضاء باحتمال إرادة وجوب الاتمام على من أفطر والكف عن الطعام من قوله فعليه صيام ذلك اليوم وهو بعيد وما ذكرنا من مدلول الرواية هو الذي فهمه منها جماعة وقد يستشهد على الاحتمال المذكور بقوله لأنه اكل متعمدا إذ لولا أن المراد وجوب الكف بعد ظهور الخطأ لم يصدق الاكل متعمدا لان الاكل قبل ظهور الخطأ ليس متعمدا وهذا غريب إذ لا شك في صدق الاكل متعمدا نعم لا يصدق الافساد والافطار متعمدا ويؤيد ما ذكرنا من الحكم فحوى ما تقدم من الأخبار الدالة على وجوب القضاء إذا فعل المفطر مخلدا إلى خبر الجارية فإنه إذا وجب القضاء هناك (مع وجوب الاستصحاب المجوز للفعل فوجوبه هنا) مع وجود الاستصحاب المانع عن فعل المفطر أولي فان مقتضى استصحاب بقاء النهار وحرمة الافطار تحريم الفعل فقد فعل المفطر من غير اذن الشارع مع مصادفته النهار ولذا قوى في الروضة وجوب الكفارة أيضا وتبعه بعض مشايخنا وهو حسن لو لم نقل بانصراف اخبارها إلى غير مثل هذا الشخص واختصاصها بمن فعل المفطر في النهار متعمدا مع علمه بالنهار أو ظنه بالظن الذي تعارف الاعتماد عليه والا فالعدم أحسن للأصل ولذا نعتمد في وجوب القضاء على الاطلاقات الدالة على وجوب القضاء بفعل المفطر والعجب ممن عول في لزوم القضاء هنا إلى الاطلاقات ونفى الكفارة تمسكا بانصراف أدلتها إلى غير المقام واحترزنا بالقيد عما لو كان التقليد جائزا له لعدم القدرة على المراعاة فان الحكم بوجوب القضاء في هذه الصورة مشكل لعدم ما يطمئن به النفس سيما إذا أفاد التقليد للظن لعدم معلومية شمول الشك في عبارة الغنية والخلاف للظن وللاذهاب المشهور إلى هذا الحكم فبقى الرواية الضعيفة خالية عن الجابر والأولوية المتقدمة غير جارية هنا وشبهة انصراف اطلاقات اخبار القضاء بفعل الفعل واختصاصها بمن فعله مع العلم بالنهار هنا أقوى لكن الاحتياط لا ينبغي تركه سيما في صورة الشك بل الحكم بالوجوب لا يخ عن قوة للتعليل في الرواية المنجبرة باطلاق الاجماعين المحكيين هذا كله لو قلنا بجواز التقليد لغير القادر على المراعاة وعدم وجوب الصبر عليه إلى أن يتيقن الغروب ومثله شهادة العدلين واما لو قلنا بعدم جوازه لعدم الدليل نفى الحكم بلزوم القضاء تردد من صدق الاكل قبل دخول الليل فيشمله التعليل مضافا إلى اطلاقات لزوم القضاء بفعل المفطر بل لا يبعد دعوى شمول اطلاقات الكفارة ومن الأصل وعدم الجابر للتعليل اللهم ان يدعى ذهاب المشهور إلى وجوب القضاء في كل موضع لا يجوز للشخص الاقدام على الافطار وان لم يكن ذهاب المشهور في هذه المسألة إلى عدم
(٥٩٤)