رمضان فان قضى ما فات عنه فلا كلام ولا يجب عليه شئ غيره وان لم يقضه حتى أدركه شهر رمضان اخر فإن كان الترك تهاونا فالأقوى وجوب القضاء إذا فرغ من الشهر المقبل والتصدق للروايات المتقدمة خلافا للمحكى عن الحلى فلم يوجب التصدق ولعله لكون الدليل على وجوبه من طريق الآحاد وهو لا يعمل بها واما لو كان الترك لا للتهاون بل كان عازما على القضاء واخره اعتمادا على سعة الوقت فلما ضاق حصل العذر فالأقوى أيضا وجوب الامرين لاطلاق ما مر خلافا لكثير بل للأكثر على ما حكى فلا يجب التصدق لاشتراطه منضما إلى القضاء في الاخبار بما إذا ترك توانيا كما في رواية محمد بن مسلم المتقدمة أو تهاونا كما في رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال إذا مرض الرجل بين رمضان إلى رمضان ثم صح فإنما عليه لكل يوم أفطر فيه فدية طعام وهو مد لكل مسكين قال وكذلك أيضا في كفارة اليمين والظهار مدا مدا فان صح فيما بين الرمضانين فإنما عليه ان يقضى الصيام وان تهاون به وقد صح فعليه الصدقة والصيام جميعا أقول إما رواية محمد بن مسلم المقيد فيها وجوب الجمع بالتواني فلا يدل على مطلوبهم إذا مع العزم على القضاء والتأخير اعتمادا على سعة الوقت يتصدق التواني فيجب عليه الكفارة والحاصل ان المراد بالتواني مجرد الترك لا لعذر عزم عليه أم لا ويشهد بذلك مقابلته بقوله وإن كان لم يزل مريضا وما يقال من أنه غير مفرط فيبعد التكفير للتضييع فان في التأخير آفات ومنه يظهر الجواب عن الرواية المحكية عن تفسير العياشي المعللة لوجوب الكفارة زيادة على القضاء بأنه قد ضيع ذلك الصيام وجه الجواب ان التضييع صادق على التأخير بملاحظة ان في التأخير آفات وعدم الاعتداد بالسلامة عن الاعذار والحاصل ان من اخر قضاء يوم واحد فات من رمضان إلى يوم آخر من شعبان من السنة القابلة اعتمادا على ضيق الوقت ثم مرض في ذلك اليوم يعد مضيعا للصيام وإن كان عارفا على فعله في ذلك ثم لو سلمنا ان التواني لا يجامع العزم على القضاء لكن نقول إن دلالة الرواية على اشتراط الجمع بالتواني فرع وجود المفهوم في الرواية وهو ممنوع لان مفهومها هو الذي نطق به الذيل بقوله وإن كان لم يزل مريضا فليس لها مفهوم حتى يدل على أنه إذا برئ ولم يتوان فليس عليه الجمع حتى يكون مقيدا للمطلقات كرواية زرارة المتقدمة ونحوها وبمثل هذين الجوابين يجاب عن رواية أبي بصير لصدق التهاون مع التأخير وان عزم على الفعل سيما في اخر الوقت ولو سلم فلا مفهوم لها بقرينة مقابلة قوله وان صح فالمراد والله أعلم أن الشخص ان أصح بين الرمضانين يجب عليه القضاء وان لم يقض وجب عليه الكفارة والقضاء إذا فرغ من صيام المقبل اللهم الا ان يدعى ان الغرض من قوله فان صح إلى اخر بيان حكم من لم يصم مع الصحة حتى أدركه القابل والمراد انه يجب على هذا الشخص القضاء فقط بعد خروج المقبل وليس الغرض منه أنشأ حكم لمن صح بعد خروج رمضان الفائت فإنه يجب عليه ان يقضيه وبقى الكفارة لفوت الأداء بل المراد بيان حكم الشخص الذي لم يصم ما فاته من رمضان الماضي حتى أدرك المقبل وانه إن كان مريضا بين الشهرين فليس عليه الا التصدق وإن كان صحيحا فليس عليه الا القضاء إذا فرغ من المقبل وان تهاون فعليه الأمران فالمراد حينئذ بقوله إن كان صحيحا إن كان صحيحا ولم يتهاون في الترك بقرينة قوله وان تهاون الخ لكن الانصاف ان ما ذكرنا من المعنى أقرب من هذا لان قوله وان صح الخ مقابل لقوله إذا مرض بين رمضان الخ بمعنى ان المريض إذا استمر مرضه فيجب عليه الصدقة وان صح في الأثناء فيجب عليه ان يقضى الفائت قبل محبئ شهر رمضان ولا يقوم التصدق مقامه فان تهاون هذا الصحيح ولم يفعل ما ذكر انه واجب عليه حتى دخل القابل يجب عليه القضاء إذا فرغ من القابل والتصدق وحينئذ ليس لقوله وان تهاون مفهوم يدل على نفى الجمع عمن ترك من غير تهاون فيكون مقيدا للمطلقات الدالة على وجوب الجمع بمجرد الترك مع الصحة فيما بين الشهرين فافهم * مسألة * لو مات الرجل وعليه شئ من الصيام فالمروي في روايات وجوب القضاء عنه على أولي الناس به منها رواية حفص بن البختري عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يموت وعليه صلاة أو صيام قال يقضى عنه أولي الناس بميراثه قلت فإن كان أولي الناس به امرأة قال لا الا الرجال ورواية حماد عمن ذكره عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن الرجل يموت وعليه من شهر رمضان من يقضيه قال أولي الناس به قلت وإن كان أولي الناس به امرأة قال لا الا الرجال ورواية محمد بن الحسن الصفار انه كتب إلى أبى محمد الحسن بن علي عليهما السلام رجل مات وعليه قضاء من شهر رمضان وله وليان هل يجوز لهما ان يقضيا عنه جميعا خمسة أيام أحد الوليين وخمسة أيام الأخر فوقع (ع) يقضى عنه أكبر وليه عشرة أيام ولا انشاء الله تعالى وحكى على هذا الحكم الاجماع في الجملة ومقتضى اطلاق هذه عدم الفرق بين ما فات لعذر أو غيره وبه افتى بعض الأصحاب الا ان جماعة اقتصروا على ما فاته لعذر لان الروايات تحمل على الغالب من الترك وهو انما يكون على هذا الوجه وفي أصل الغلبة ثم في صلاحيتها للقرينة على إرادة الغالب من المطلقات تأمل وكيف كان فينبغي القطع باشتراط الحكم بالوجوب على الولي بكون الميت متمكنا حال الحياة عن فعل الفائت لان غير ذلك لا يكون عليه حتى يدخل في موارد السؤال في الروايات واستثنى بعضهم عن ذلك ما فات عنه لسفر فإنه يقضى عنه وان لم يتمكن من فعله حال الحياة لاستمرار السفر تمسكا بروايات منها رواية أبى حمزة عن أبي جعفر (ع) قال سئلته عن امرأة مرضت في شهر رمضان أو طمثت أو سافرت فماتت قبل خروج شهر رمضان هل يقضى عنها قال إما الطمث والمرض فلا واما السفر فنعم ومثلها رواية أخرى عن ابن مسلم ورواية منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يسافر في شهر رمضان فيموت قال يقضى عنه وهذه الروايات مضافا إلى ما في سندها مخالف لعمل المشهور حتى قيل إنه لا عامل بها عدا الشيخ في التهذيب مع أن الروايتين الأوليين ليستا صريحتين في الوجوب إذ يحتمل ان يكون عن جواز القضاء عن المرأة إذا ماتت غير متمكنة من القضاء فأجاب (ع) بعدم الجواز في المرض الطمث أو بالجواز في السفر وهل يقضى عن المرأة وجوبا ما فاتته وتمكنت عن تداركه وجهان من اختصاص الأخبار المتقدمة بالرجل ومن غلبة اشتراكها معه في الاحكام لكن الاعتماد على هذه الغلبة مشكل فعدم
(٦٠٨)