فلابد من الحكم عليه بوجوب الكفارة عليه سواء قلنا بوجوب الصوم عليه أم قلنا بعدم وجوبه وليس خروج ما خراج من ذلك المطلق لأجل عنوان عدم وجوب الصوم حتى يحصل الخروج في كل مورد صدق عدم وجوب الصوم فيتكلم في أن هذا الشخص هل يجب عليه الصوم أم لا ويبنى على المسألة الأصولية هذا كله مع تسليم شمول المطلقات من حيث الانصراف لهذا الفرد واما مع منعه كما تقدم فلا فرق في عدم وجوب الكفارة بين القول بوجوب الصوم عليه وبين القول بعدمه فتدبر واما في النظر فلان لهؤلاء ان يقولوا انا لا نقول بالتنافي بين عدم التكليف ووجوب الكفارة لمخالفة الوجوب الظاهري لكن نقول القدر الثابت من أدلة الكفارة هو وجوبها على من وجب عليه الصوم في الواقع واما من لم يجب عليه واقعا فلم تدل تلك الأدلة على وجوب الكفارة فيبقى تحت الأصل وبعبارة أخرى الكفارة مختصة بذنب خاص وهو ترك الصوم ومخالفة أوامر الصوم والشخص المذكور لم يخالفها انما خالف الأدلة الدالة على وجوب العمل بمقتضى الاعتقاد حيث إنه اعتقد في أول النهار انه سالم من الاعذار إلى الغروب فاعتقد وجوب الصوم عليه وقد تقرر انه يجب العمل بمقتضى الاعتقاد في الأحكام الشرعية وموضوعاتها فلا يعاقب هذا الشخص على ترك الصوم وانما يعاقب على ترك العمل بمقتضى الاعتقاد الذي هو حكم الله الظاهري ومن هنا ظهر فساد التمسك على عدم السقوط بالاستصحاب حيث إن الشخص قبل طرو العذر لم تسقط عنه والأصل عدم حدوث السقوط توضيح الفساد انك قد عرفت انه لا دليل على كون الكفارة واجبة على هذا الشخص وبعبارة أخرى كون هذا الافطار المتعقب بطرو العذر موجبا للكفارة نعم قبل طرو العذر لما ظن أنه سالم عن العذر ظن أن عليه الكفارة فإذا تبين العذر وعلم أنه في الزمان السابق كان ممن هو غير جامع للشرائط إلى اخر اليوم وقد قلنا إن هذا الفرد لا دليل على وجوب الكفارة فيشك انه هل وجب عليه الكفارة من أو الامر أم لا وانما كان مظنونا له بواسطة ظن السلامة عن العذر ومن البين ان الاستصحاب انما يجرى إذا اختص الشك بالزمان اللاحق ولا يسرى إلى السابق بان يكون في زمان الشك عالما بثبوت المستصحب السابق وليس الامر هنا كك لأنه بعد طرو العذر لا يقطع بان الكفارة وجبت عليه سابقا في الواقع بل يشك فيه أيضا نعم يعلم أنها كانت واجبة عليه ظاهرا لكن الوجوب الظاهري لما كان دائرا مدار الظن بالسلامة ومنوطا بها فبزواله يقطع بزواله كما لو اعتقد كون الشئ المايع خمرا أولا ثم شك في خمريته فشك في حرمته فحينئذ لا يجوز استصحاب الحرمة الظاهرية السابقة حين اعتقاد الخمرية وهو واضح غاية الوضوح ومن جميع ذلك علم أن مرادنا بسقوط الكفارة بطرو العذر كشف العذر عن كون الكفارة غير واجبة عليه من أول الأمر لا الاسقاط الحقيقي بمعنى استقرار الوجوب عليه ثم ارتفاعه وزواله بطرو العذر فلو أفطرت المرأة الصائمة الظانة للسلامة من العذر فبنت على التكفير وأعتقت رقبة كفارة لافطارها بمقتضى ظن السلامة ثم حاضت فالأقرب بطلانه إذا الحيض كاشف عن انه لم يكن عليها كفارة من أول الأمر كما لو شهد عدلان عند الحاكم بما يوجب اعتاق الشخص لعبده فالزمه بالاعتاق فأعتق ثم تبين كذبهما حيث حكم المصنف في بحث العتق ببطلانه فلو كانت الكفارة مستقرة عليها وكان طرو الحيض رافعا لها لم يكن معنى لبطلان العتق إذ لو سلمت رافعية العذر للوجوب المستقر فإنما هي قبل الامتثال واما بعده فلا وجوب حتى يرفعه العذر ومقتضى ذلك صحة العتق لحصول الامتثال به الخامس لو وجب شهران متتابعان سواء كان بكفارة أو بنذر فعجز صام ثمانية عشر يوما لرواية أبي بصير وسماعة بن مهران قالا سئلنا أبا عبد الله (ع) عن الرجل يكون عليه صيام شهرين متتابعين فلم يقدر على الصيام ولم يقدر على العتق ولم يقدر على الصدقة قال فليصم ثمانية عشر يوما من كل عشرة أيام ثلثه أيام لكن الظاهران الرواية غير صحيحة فالتعويل عليها مشكل اللهم الا ان يكون الحكم مشهورا والا فالحكم بوجوب الصدقة بما تمكن في كفارة شهر رمضان أحسن وفاقا لصاحب المدارك و المحكي عن أبي الجنيد والصدوق في المقنع لرواية عبد الله بن سنان الموصوفة بالصحة في كلام جمع عن أبي عبد الله (ع) في رجل أفطر في شهر رمضان يوما واحدا متعمدا من غير عذر قال يعتق نسمة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا فإن لم يقدر تصدق بما يطيق وقريبة منها رواية أخرى والظاهر أن هذه أخص من السابقة فتقدم والمحكى عن الشهيدين التخيير بين الامرين وهو حسن مع تكافؤ الخبرين فان عجز عن صوم ثمانية عشر أو التصدق أصلا على الخلاف المقتدم استغفر الله تعالى والظاهر عدم الخلاف فيه ويدل عليه رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) كل من عجز عن الكفارة التي تجب عليه صوم أو عتق أو صدقة في يمين أو نذر أو قتل أو غير ذلك مما تجب على صاحبه فيه الكفارة فالاستغفار له كفارة ما خلا يمين الظهار ولو قدر على أكثر من ثمانية عشرة يوما أو على الأقل فالوجه عدم الوجوب للأصل نعم لا يبعد وجوب الأقل عملا بالخبر المشهور بقوله مالا يدرك كله لا يترك كله والميسور لا يسقط المعسور وإذا أمرتكم بشئ فاتوا منه ما استطعتم إما لو قدر على العدد دون الوصف أعني التوالي فالوجه وجوب المقدور ولم اعرف هذا الوجه بعد دلالة الرواية على وجوب ثمانية عشر مع العجز عن صيام شهرين متتابعين ورواية مالا يدرك كله لا يترك كله وأختيه لا تجرى في الأمور المقيدة والمركبات الذهنية كما فيما نحن فيه مع أن الرواية أخص منها اللهم الا ان يقال بان مدلول الرواية حكم صورة العجز عن أصل القيام فليتأمل ولو صام شهرا فعجز احتمل وجوب تسعة لكون كل ثلاثة أيام من الثمانية عشر بدلا من عشرة أيام من الشهرين كما في الخبر في إحدى النسختين ويحتمل وجوب مجموع ثمانية عشر إذ يصدق عليه انه لا يقدر على الصيام وأخويه فيدخل في الرواية لأن عدم القدرة فيها أعم من أن يكون ابتداء أو يحصل في الأثناء ويحتمل السقوط رأسا لا لما قيل من أنه عجز وصام ثمانية عشر لان بدلية صوم ثمانية عشر ليسن الا إذا وقعت حال العجز لا حال القدرة كما هو ظاهر من الرواية بل للأصل واختصاص مورد السؤال في الرواية بحكم التبادر بمن لم يقدر ابتداء وعدم الدليل على بدلية كل ثلثة من عشرة السادس لو أجنب ليلا وتعذر الماء بعد تمكنه من الغسل حتى أصبح فالقضاء على اشكال منشأه الاطلاقات الدالة على وجوب القضاء بعدم الاغتسال مع أنه مفرط في التأخير ومن الأصل واختصاص الاطلاقات بصورة التمكن بحكم التبادر ومنع التفريط لعدم وجوب الغسل فورا وهذا أقوى وإن كان الأول أحوط نعم لو علم أو ظن عدم تمكنه بعد زمان التمكن وجب عليه في ذلك الزمان فان اخر فالظاهر وجوب القضاء والكفارة
(٦٠٢)