فأول من استيقظ أبو بكر ثم عمر فكبر عمر تكبيرا عاليا فايقظ رسول الله صلى الله عليه وآله فأمرهم بالارتحال وسار غير بعيد فنزل فصلى الصبح قال انظر أيها العاقل في وصفهم لعناية الله سبحانه بنبيهم وانه سبحانه لا يصح ان ينام وان جبرئيل (ع) ما كان شفقته على نبيهم دون عناية عمر حتى كان يوقظه الله أو جبرئيل وإذا نظرت إلى روايتهم عن محمد صلى الله عليه وآله انه ينام عينه ولا ينام قلبه وتفسيرهم لذلك بان نومه لا يمنعه عن معرفة الله ونظرت في رواياتهم لوجوب قضاء ما فات عقيب ذكره ثم يذكرون في هذه الرواية انه اخر القضاء إلى بعد الارتحال فإنه قد نام قلبه حتى لا يحس بخروج الوقت فكل ذلك يشهد بالمناقضة في رواياتهم ومقالاتهم وتكذيب أنفسهم انتهى والانصاف ان نوم النبي صلى الله عليه وآله أو أحد المعصومين صلوات الله عليهم عن الواجب سيما اكد الفرائض نقص عليهم ينفيه ما دل من اخبارهم على كمالهم وكمال عناية الله (تع) بهم في تبعيدهم من الزلل بل الظ؟ بعد الت؟ ان هذا انقص من سهو النبي صلى الله عليه وآله عن الركعتين في الصلاة وما تقدم من صاحب رسالة نفى السهو مم؟ بل العقل والعقلاء يشهدون بكون السهو عن الركعتين في الصلاة أهون من النوم عن فريضة الصبح وان هذا النائم أحق بالتعير؟ من ذلك الساهي بل ذاك لا يستحق تعييرا وكون نفس السهو نقصا دون نفس النوم لا ينافي كون هذا الفرد من النوم انقص لكشفه عن تقصير صاحبه ولو في المقدمات وبالجملة فصدور هذا مخالف لما يحصل القطع به من تتبع متفرقات ما ورد في كمالاتهم وعدم صدور القبائح منهم فعلا وتركا في الصغر والكبر عمدا وخطأ ولعله لذا تنظر في هذه الأخبار بعض المتأخرين على ما حكى عنهم منهم شيخنا البهائي بعد اعترافه بان المستفاد من كلام الشهيد المتقدم عن الذكرى تجويز الأصحاب لذلك وعرفت (ايض) ما عن المنتهى وغيره اللهم الا ان يقال بامكان سقوط أداء الصلاة عنه صلى الله عليه وآله في ذلك الوقت لمصلحة علمها الله سبحانه فان اشتراكه صلى الله عليه و آله مع غيره في هذا التكليف الخاص ليس الدليل عليه أوضح من الأخبار المذكورة حتى يوجب طرحها خصوصا بملاحظة بعض القرائن الواردة في تلك الأخبار منها قوله (ع) في رواية سعيد الأعرج ان الله (تع) أنام رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أن قال وأسهاه في صلاته فسلم في الركعتين إلى أن قال وانما فعل ذلك رحمة لهذه الأمة لئلا يعير الرجل (المسلم صح) إذا هو نام عن صلاته أو سهى الخبر فت؟ وقوله صلى الله عليه وآله لأصحابه مخاطبا لهم نمتم بوادي الشيطان ولم يقل نمنا فعلم أن النوم كان زللا منهم لامنه صلى الله عليه وآله ثم إن دلالة الأخبار المذكورة بعد تسليمها كغيرها من الاخبار المتضمنة لجواز النفل لمن عليه قضاء على نفى المضايقة وفورية القضاء واما دلالتها على نفى الترتيب فهى مبنية على عدم المدرك له الا الفورية أو انعقاد الاجماع المركب على أن كل من قال بالمواسعة لم يقل بالترتيب وكلاهما ممنوعان الرابع من حجج القول بالمواسعة الاجماعات المنقولة منها ما تقدم عن الجعفي من نسبة ما يذكره في كفاية الفاخر إلى المجمع عليه ومنها ما عن المعتبر من أن القول بالمضايقة يلزم منه منع من عليه صلوات كثيرة ان يأكل وان ينام زائدا على الضرورة ولا يشتغل الا لاكتساب قوت يومه له ولعياله وانه لو كان له درهم حرم عليه الاكتساب حتى يخلو يده والتزام ذلك مكابرة صرفة والتزام سوفسطائي ثم قال ولو قيل قد أشار أبو الصلاح الحلبي إلى ذلك فانا نعلم من المسلمين كافة خلاف ما ذكرنا فان أكثر الناس يكون عليهم صلوات كثيرة فإذا صلى الانسان منهم شهرين في يومه استكثره الناس انتهى وعن لف؟ ما محصله ان القول بتحريم الحاضرة في أول وقتها مع القول بجواز غيرها من الافعال مما لا يجتمعان والثاني ثابت بالاجماع على عدم افتاء أحد من فقهاء الأمصار في جميع الأعصار بتحريم زيادة لقمة أو شرب جرعة أو طلب الاستراحة من غير نصب شديد أو المنع من فعل العبادات الواجبة والمندوبة لمن عليه قضاء فيلزم انتفاء الأول انتهى والجواب عن هذه الحجة انه ان أريد دعوى اجماع العلماء فهو واضح المنع مع ما عرفت من كثرة القائلين بالمضايقة من القدماء ودعواهم الاجماع وعبارة الجعفي يمكن حملها على أن ما ذكر في كتابه مضمون الروايات المجمع عليها بل يمكن دعوى ظهور قوله لا نذكر فيه الا ما أجمع عليه وصح من قول الأئمة (على) فيما ذكرنا فان كلمة من بيان للموصول واما كلام المحقق فمرجعها إلى دعوى سيرة المسلمين وهي غير معلومة على وجه يجدى في المقام مع احتمال كونها ناشئة عن قلة مبالاتهم في الدين ولذا تريهم يشتغلون بما ذكر من المباحات مع اشتغال ذممهم بحقوق من يطالبهم مستعجلا ولو بشاهد الحال كمستحقي الصدقات الواجبة ومع اشتغال ذممهم بحقوق الله الفورية كتعلم العلم واكتساب الأخلاق الجميلة ودفع الأخلاق الرذيلة وتريهم يعاملون بيعا وشراء مع الأطفال الغير المميزة والمجانين ولا يجتنبون عن النظر إلى غير المحارم زائدا على الوجه والكفين كالشعر والزند والرجل إلى غير ذلك مما يطول الكلام بذكره هذا مع أن استلزام المضايقة لتحريم الأمور المذكورة محل كلام في الأصول بين أعاظم الفحول فلعل السيرة المذكورة دليل على عدم الاستلزام كما تمسك بها بعض الاعلام في هذا المقام ومنه يظ؟ ما في دعوى العلامة في لف؟ مضافا إلى أن نفى القول من فقهاء الأمصار بحرمة ما ذكر مع اعترافه بذهاب السيد وجماعة إلى الحرمة كما ترى وبالجملة فالتمسك بالاجماع والسيرة في هذا المقام ليس الا لتكثير الأدلة مع أنه لا ينفى الترتيب الا إذا كان منوطا بالفورية ومبنيا عليها الخامس من حج القائلين بالمواسعة لزوم
(٤٣٩)