الحرج العظيم الذي يشهد بنفيه الأدلة الثلاثة بل الأربعة ويرد عليه ان الحرج لا يلزم الا مع كثرة الفوائت و ح؟ فإن كان لزومه على وجه يرتفع به التكليف حكم بمقتضاه كما يحكم القائل بالمواسعة عند ظن طرو العجز وكما يحكم بسقوط القيام في الصلاة عند تعيره فلا يتعدى إلى صورة عدم لزوم الحرج لقلة الفوائت وليس المقام مما يقضى لزوم الحرج بتشريع المواسعة في جميع الافراد حتى مع عدم الحرج بان يكون لزوم الحرج مؤسسا للحكم لان ذلك انما هو فيما كان العسر في أغلب الموارد فيتبعها النادر كما في تشريع القصر في السفر للحرج وتشريع طهارة الحديد وغير ذلك وليس كك؟ ما نحن فيه قطعا فاندفع ما يق؟ ان غرض المستدل ان المشقة النوعية الثابتة في فورية القضاء يقتضى بحسب الحكمة المرعية في الشريعة السمحة السهلة نفيها مط؟ وان انتفت المشقة الشخصية في ثبوتها في بعض الأحيان هذا مع امكان معارضته بان حكمة عدم وقوع المكلف في تهلكه بقائه مشغول الذمة بالفوائت بعد الموت اقتضت ايجاب المبادرة إليها إذ قلما اتفق للمكلف ان يكون عليه فوائت كثيرة لم يبادر إليها في السعة الا وقد مات مشغول الذمة بها أو بأكثرها وكيف كان فهذا الدليل في الضعف كسابقه الا انه ينفى الترتيب (ايض) ولو لم ينشأ من المضايقة لان مقتضاه وجوب الاشتغال بالفوائت تحصيلا للترتيب بين الحاضرة وبين ما يمكن تقديمه عليها من الفوائت بل لو لم يشتغل بها (ايض) كان في نفس تأخير الحاضرة حرج من جهة ضبط أواخر الأوقات بالساعات والعلامات الا إذا قلنا بان الواجب تأخير الحاضرة عن مجموع الفوائت لا عن كل فائتة حتى يجب الاشتغال بها مهما أمكن فافهم والحاصل ان لزوم العسر على من كثر عليه الفوائت مسلم سواء قلنا بالمضايقة أم قلنا بلزوم الترتيب من دون المضايقة لكن الحكم بنفيهما عموما حتى في مورد عدم الحرج يحتاج إلى دليل اخر والتمسك بالاجماع المركب في غير موضعه لان الفصل في الأحكام التكليفية بين موارد الحرج وغيرها لكثرة وقوعه في الشريعة لا يعلم مخالفته في هذه المسألة لقول الإمام (ع) وإن كان القطع به في بعض الموارد ممكنا الا ان غلبة الفصل بين الموردين في المسائل مما يمنع القطع غالبا فافهم فإنه نافع في كثير من الموارد وهذا خلاصة أدلة القول بالمواسعة وقد عرفت ضعف أكثرها مع عدم الدلالة على الترتيب خصوصا فيما عدا فوائت اليوم واما ما يمكن ان يستدل به للقول بالمضايقة فوجوه الأول الأصل والمراد به أصالة الاحتياط إما من حيث الفورية لتيقن عدم المؤاخذة على تقدير التعجيل وعدم الا من منه على تقدير التأخير مط؟ أو مع اتفاق طرو الفجر واما من حيث تيقن امتثال الحاضرة على تقدير تأخيرها عن الفائتة أو ايقاعها في ضيق الوقت والشك في الامتثال لو قدمها على الفائتة والجواب عنه عدم وجوب الاحتياط لا من جهة الفورية ولا من جهة الترتيب لما تقرر في محله من دلالة العقل والنقل على عدم المؤاخذة عما لم يعلم كونه منشأ لها سواء كان الشك في التكليف الأصلي أم كان في التكليف المقدمي كالجزء والشرط ثم إنه لو قلنا بأصالة الاحتياط في الوجوب المقدمي من قبيل الجزء والشرط على ما هو مذهب جماعة وقد كنا نقويه سابقا بدعوى اختصاص أدلة البراءة عقلا ونقلا بالشك في التكليف المستقل كوجوب الدعاء عند رؤية الهلال أو غسل الجمعة لكن وجوب الاحتياط في التكليف الوجوبي المستقل مما لم يقل به أحد من المجتهدين والأخباريين على ما ادعاه بعض الأخباريين من اختصاص الخلاف بين الأخباريين (والمجتهدين صح) في وجوب الاحتياط وعدمه بغير هذه الصورة من صور الشبهة في الحكم الشرعي وعلى هذا فوجوب الاحتياط من جهة الفورية ووجوب المبادرة إلى القضاء لمجرد احتمال العقاب على التأخير مما لم يقل به أحد واما أصالة الاحتياط من جهة الشك في اعتبار الترتيب على ما هو مذهب جماعة في الشك في الشرطية والجزئية فهى (ايض) غير جارية في المقام وان قلنا بجريانها في غيره لان الترتيب عند أهل المضايقة من جهة لزوم المبادرة فالشك في اعتبار الترتيب مسبب عن الشك في لزوم المبادرة وإذا كان المرجع عند الشك في لزوم المبادرة أصالة البراءة عنه بالاتفاق على ما ذكر لم يجب الاحتياط عند الشك في اعتبار الترتيب بل المرجع إلى أصالة البراءة التي هي الأصل في الشك الذي صار منشأ لهذا الشك لما تقرر في محله من أن أحد الأصلين إذا كان الشك في مجراه سببا للشك في مجرى الأخر فهو حاكم على صاحبه ولا يلتفت إلى صاحبه ولذا لو شككنا وجوب تقديم اخراج النجاسة عن المسجد على الصلاة فيه لأجل الشك في وجوب اخراج النجاسة الغير الملوثة منه لم يكن هناك موضع اجراء أصالة الاشتغال باتفاق من القائلين بجريانها عند الشك في اعتبار شئ في العبادة المأمور بها والحاصل ان أصالة البراءة حاكمة على أصالة الاشتغال مع كون الشك في مجرى الثانية مسببا عن الشك في مجرى الأولى وهذا هو الضابط في كل أصلين متعارضين سواء كانا من جنس واحد كاستصحابين أو من جنسين كما فيما نحن فيه والظاهر أن تقديم البراءة على الاحتياط في مثل ما نحن فيه (مما اتفق عليه الموجبون للاحتياط وان اختلفوا في الاستصحابين المتعارضين إذا كان من هذا القبيل ثم إن ما نحن فيه صح) ليس من الشك في شرطية شئ لعبادة أو جزئيته لها بل الشك في صحة العبادة لأجل الشك في ثبوت تكليف أخراهم منه فإذا انتفى بأصالة البراءة فلا مسرح للاحتياط الواجب فافهم واغتنم واعلم أن جميع ما ذكرنا انما هو على تقدير تسليم الصغرى وهي ان الاحتياط في تقديم الفائتة واما لو أخذنا بظواهر العبائر المحكية عن جماعة من القدماء كظاهر بعض الأخبار من وجوب تقديم الحاضرة وإن كانت موسعة أو لاحظنا
(٤٤٠)