راجع إلى ما ذكرنا وتوهم كونه من القياس أو من استصحاب الحكم الفرضي مدفوع بما ذكرنا فان استصحاب الحكم المعلق على شروطه قبل تحقق شروطه راجع إلى استصحاب أمر محقق منجز كما يظهر بالتأمل ولا يخفى ان وجود مثله في المسائل الشرعية والمطالب العرفية أكثر من أن تحصى واعتماد أرباب الشرع والعرف عليه أمر لا يكاد يخفى وهذا الأصل بعينه هو استصحاب عدم حرمة الحاضرة الذي تمسك به المعترض في التقرير الرابع من تقرير الأصل الا ان ذلك عدمي وهذا وجودي لكن جريان كليهما على الوجه الذي ذكرنا هنا وما ذكره من الاعتراض جار في ذلك (ايض) فتسليم أحدهما ومنع الأخر تحكم الا ان يريد من الأصل هناك أصالة البراءة لا الاستصحاب وقد عرفت ضعف التمسك بالبراءة وكيف كان فالاستصحاب على الوجه الذي ذكرنا لا غبار عليه وقد عرفت سابقا ضعف معارضته باستصحاب عدم وجوب الحاضرة لأنه حاكم عليه نعم من لا يجرى الاستصحاب في الحكم الشرعي إما مط؟ كما هو مذهب بعض أو فيما يحتمل مدخلية وصف في الموضوع مفقود في الحال اللاحق كما هو المختار لم يكن له التمسك به مما نحن فيه لاحتمال كون الحكم الكلى المستصحب وهو وجوب الصلاة في الجزء الأول من الوقت في الحال السابق أعني قبل الاشتغال بالقضاء منوطا بخلو الذمة عن القضاء فيكون المكلف الفارغ الذمة من القضاء يجوز له فعل الحاضرة في أول وقتها والشك في المدخلية يرجع إلى الشك في بقاء الموضوع فلا يجرى الاستصحاب لاشتراطه ببقاء الموضوع يقينا لكن الاستدلال المذكور مبنى على المشهور بين العلامة ومن تأخر عنه من اجراء الاستصحاب في أمثال المقام السادس أصالة عدم حرمة المنافيات لفعل الفائتة من المباحات الذاتية وهذا الأصل حسن بمعنى الاستصحاب دون البراءة لما عرفت في التقرير الرابع والخامس وعلى أي تقدير فهذا الأصل انما يثمر في رد من قال بوجوب الترتيب من جهة اقتضاء فورية القضاء تحريم الحاضرة والقول بان الحرمة المقدمية توجب الفساد لو كان المنافى المحرم من باب المقدمة من العبادات واما لو لم نقل كما هو مذهب جماعة منهم المحقق الثاني في شرع القواعد في باب الدين بل ربما نسبه بعضهم ككاشف الغطاء قده إلى كافة الأصحاب فلا ثمرة لهذا الأصل لان اثبات الترتيب ح؟ من باب الأخبار الدالة على تقديم الفائتة لا من وجوب المبادرة إليها من باب ان الامر بالشئ يقتضى عدم الامر بضده فيفسد والحكم بالفساد من هذين الوجهين يجامع عدم حرمة الحاضرة فلا يترتب على أصالة عدم الحرمة الحكم بصحة الحاضرة ومن هنا يظ؟ فساد ما قيل من أنه إذا ثبت عدم حرمة المنافيات بالأصل ثبت صحة فعل الحاضرة في السعة لعدم القول بالفصل مع أن التمسك بالاجماع المركب وعدم القول بالفصل فيما إذا ثبت أحد شطرى المسألة بالأصول الظاهرية محل اشكال فقد أنكره غير واحد ولايخ؟ عن قوة وكيف كان فالأصل المعتمد في المسألة هو الأصل الأول وهو أصالة عدم الفورية وقد يعارض باقتضاء أصالة الاشتغال بالترتيب وسيأتي الكلام عليها في أدلة القائلين بالمضايقة انش؟ الثاني من حجج القائلين بالمواسعة الاطلاقات وقد ضبطها بعض المعاصرين في طوائف من الكتاب والسنة الأولى ما دل على وجوب الحواضر على كل مكلف حين دخول وقتها ووجوب قضائها على كل من فاتته مع مضى ما يسعها عن أوقاتها وعلى وليه بعد موته ان لم يقضها بنفسه فلو وجب تأخيرها عن الفوائت لزم ان لا يجب على من عليه فائتة معلومة الا عند ضيق وقت الحاضرة أو مضى زمان يسع الفائتة و (ايض) يلزم ان لا يجب عليه قضاء الحاضرة الا إذا أدرك وقت ضيقها أو مضى زمان يسع الجميع فلو مات قبل ذلك أو عرض حيض أو شبهه لم يكن مشغول الذمة بالقضاء ولم يجب على وليه تداركه بعد موته وكل هذه مخالفة للاطلاقات المذكورة ويرد عليه ان القائل بالترتيب ووجوب تأخير الحاضرة عن الفائتة إما أن يقول به من جهة فورية القضاء عنده نظرا إلى أن الامر بالشئ يقتضى عنده النهى عن الضد الخاص واما أن يقول به من جهة وجود الدليل على اشتراط الترتيب في الحاضرة وان لم يقل بفورية القضاء وعلى كل تقدير فلا يرده الاطلاقات المذكورة ولا يلزم تقييد لتلك الاطلاقات من جهة قوله بالترتيب إما إذا قال به من الجهة الأولى فلانه يدعى ان الصلاة التي هي واجبة في أول الوقت من حيث هي لو خلى وطبعها قد عرض لها عدم الوجوب لأجل عروض الحرمة لها من باب المقدمة لواجب فورى وان شئت فقل ان وجوبها في أول الوقت مقيد عقلا بعدم الامتناع العقلي أو الشرعي فإذا فرض طرو الحرمة لها من باب المقدمة صار ممتنعا شرعيا لان المانع الشرعي كالمانع العقلي فهو نظير ما إذا عرض واجب فورى اخر في أول الوقت كاداء دين فورى أو انقاذ نفس محترمة ونحوهما فإنه لا يلزم التقييد في تلك الاطلاقات بعدد هذه العوارض بل انا نقول إن تلك الاطلاقات مسوقة لبيان حكم الصلاة في أول الوقت لو خليت ونفسها فلا ينافي عدم الوجوب لها لعارض يعرضها كما أن قول الشارع لحم الغنم حلال أو طاهر لا ينافي حرمة اللحم المسروق ونجاسة اللحم الملاقى للنجس لان الحلية والطهارة الذاتيتين لا ينافيان الحرمة والنجاسة العرضيتين واما ان نقول إنها مقيدة بالتمكن وعدم الامتناع عقلا وشرعا فإذا ادعى مدعى الامتناع الشرعي فيما نحن فيه لأجل الحرمة المقدمية فلا ينفى ادعائه بالاطلاقات نعم ليطالب في دعواه الحرمة المقدمية الموجبة لعروض
(٤٣٢)