فيها التقرب كالحج وصلاة الطواف والزيارات المندوبات إذا وقعت الإجارة على نفس الافعال فقط أو مع المقدمات ودعوى خروجها بالنص والاجماع ان رجعت إلى دعوى عدم اعتبار القربة فيها كانت فاسدة بالبديهة وان رجعت إلى دعوى الفرق بينها وبين الصلاة والصوم في منافاة الأجرة لقصد القربة فيهما دونها فاظهر فسادا من الأول ضرورة اتحاد القربة المعتبرة في جميع العبادات واما ثانيا فبالحل وقد تقرر بما حاصله جعل التقرب صفة للفعل واستحقاق الأجرة غاية فيقال ان النية مشتملة على قيود منها كون الفعل خالصا لله سبحانه (تع) ومنها كونه أداء وقضاء عن نفسه أو عن الغير بأجرة أو بغيرها وكل من هذه القيود غير مناف لقصد الاخلاص والأجرة فيما نحن فيه انما وقعت أولا وبالذات بإزاء القيد الثاني أعني النيابة عن زيد بمعنى انه مستأجر على النيابة عن زيد بالاتيان بهذه الفريضة المتقرب بها وقيد القربة في محله على حاله لا تعلق للإجارة الا من حيث كونه قيدا للفعل المستأجر عليه نعم لو اشترط في النيابة عن الغير التقرب زيادة على التقرب المشروط في صحة العبادة اتجه منافاة الأجرة لذلك الا انه ليس بشرط اجماعا وبالجملة فان أصل الصلاة مقصود بها وجهه سبحانه لكن الداعي عليها والباعث عليها مع التقرب هو هذا المبلغ الذي قرر له ولذلك نظاير في الشرع يوجب رفع الاستبعاد مثل صلاة الاستسقاء والاستخارة وطلب الحاجة والولد والرزق و نحوها مما كان الباعث عليها أحد الأغراض فان أصل الصلاة مقصود بها وجهه سبحانه ويتقرب بها إليه جل ذكره ولكن الحامل عليها أحد الأمور المذكورة بمعنى انه يأتي بالصلاة الخالصة لوجه الله لأجل هذا الغرض الحامل عليها انتهى ولا يخفى ما فيه لابتناء ما ذكره المحدث المتقدم على اعتبار كون القربة والاخلاص داعيا وحاملا على الفعل بحيث لا يشركه بغيره وهو الحق الذي لا محيص عنه فجعل الغرض والداعي أمرا اخر مخالف لذلك مع أن كون القربة والاخلاص من قبيل الأداء والقضاء من قيود الفعل لا محصل له بناء على أن قصد القربة عبارة عن قصد امتثال أمر الله وطلب رضاء الله بذلك الفعل فالتحقيق في الجواب ان يق؟ قد عرفت سابقا ان معنى النيابة هو تنزيل الشخص منزلة الغير في اتيان العمل الخاص وقد عرفت (ايض) مشروعيته ورجحانه ومقتضى هذا التنزيل كون الفعل المقصود حصول التقرب والثواب موجبا لتقرب ذلك الغير لا العامل لأنه لم يتقرب بذلك الفعل الا بعد تنزيل نفسه منزلة المنوب عنه فصار المنوب عنه هو المتقرب ولذا يعود النفع إليه ثم إن هذا التنزيل هو بنفسه فعل يمكن ان يقع الدواعي المختلفة فقد يكون الداعي ما حكم العقل والنفل من حسن هذا التنزيل وانه محبوب لله (تع) (وان الفاعل ثياب عليه فلا يوقع هذا التنزيل الا الله تع؟) وقد يكون الداعي عليه حب ذلك الغير لأمر دنيوي كقرابة أو صداقة أو احسان يريد مكافاته أو غير ذلك من غير التفات إلى كون هذا التنزيل مما أمر به استحبابا واراده الشارع وهذا هو الأكثر في العوام حيث لا يكون الداعي والحامل لهم على العمل الا ما يسمع من وصول النفع إلى الميت بهذه العبادة أو هذه الصدقة ولا يلتفتون إلى وصول نفع وثواب إليهم بل لا يعتقدونه بل قد لا يصدقون من يخبرهم بذلك قائلين انا نفعل هذا وثوابه لميتنا ولا شك ان النيابة بهذا القصد لا يوجب عدم صحة العمل لان التقرب على وجه النيابة حاصل نعم النيابة على وجه التقرب غير حاصل والموجب لصحة الفعل على وجه النيابة هو الأول والثاني يعتبر في صحة نفس النيابة التي هي عبادة باعتبار تعلق الامر الاستحبابي به عقلا ونقلا إذا عرفت هذا فنقول كون الداعي على النيابة وتنزيل نفسه منزلة الغير في اتيان الفعل تقربا إلى الله هو مجرد استحقاق الأجرة انما يوجب عدم الخلوص والتقرب في موافقة أوامر النيابة وعدم حصول ثواب للنائب لعدم امتثاله أوامر النيابة وعدم اخلاصه فيها وهذا لا يوجب عدم صحة العمل الذي جعل نفسه فيه بمنزلة الغير واتى به عنه تقربا إلى الله فالنيابة عن الميت لمجرد استحقاق الأجرة كالنيابة عنه لمجرد محبة الميت لكونها زوجة للنائب قد شغفته حبا لحسنها بحيث لا يريد بصدقاته وعباداته عنها الا مجرد ايصال الثواب إليها أو كالنيابة عنه لكونه محسنا إليه في أيام حياته ومعينا له في أمر دنياه أو دينه نعم لو نوى الأجير النيابة عن الميت لأجل ايصال النفع إلى أخيه المؤمن ولأجل امتثاله للوجوب الحاصل من جهة وجوب الوفاء بالعقود كان مثابا في عمله مأجورا في الدنيا والآخرة وعليه يحمل ما ورد من قول الصادق عليه السلام لمن استأجره للحج عن إسماعيل بعد ما شرطا دابا كثيرة انه إذا فعلت كك؟ كان لإسماعيل واحد بما أنفق من ماله ولك تسعه بما أنعمت من ربك ثم إن كلمات الفقهاء لا باس بايرادها ليعلم حالها بمقايسة ما ذكرنا من التوجيه في نية التقرب وان ما ذكره المحدث الكاشاني موافق لبعضها فنقول تعويلا على ما حكى عنهم قال في القواعد وكذا لو اجر نفسه للصلاة الواجبة عليها فإنها لا تقع عن المستأجر وهل يقع عن الأجير الأقوى العدم انتهى وحكى اختيار عدم وقوعها عن الأجير عن الايضاح ومع؟ صد؟ معللا بان الفعل الواحد لا يكون له غايتان متنافيتان إذ غاية الصلاة التقرب والاخلاص خاصة وغاية العبادة في الفرض حصول الأجرة ولأنه لم يفعلها عن نفسه لوجوبها عليه بالأصالة ووجه غير الأقوى ان ذلك علة وباعث في حصول الداعي إلى الصلاة الجامعة لما يعتبر في صحتها
(٤٢٣)