خرجنا بايراد الأخبار المذكورة عما هو المقصود في هذه الرسالة من وجوب القضاء عن الميت مع قطع النظر عن انتفاع الميت بذلك و قد عرفت انه مجمع عليه فتوى ونصا وسيجيئ ما يدل عليه من النصوص بالخصوص ثم المشهور ان القضاء معين على الولي لا انه مخير بينها وبين الصدقة كما عن الإسكافي والسيد المرتضى والسيد بن زهرة مدعيا عليه الاجماع لعدم الدليل على اجزاء الصدقة نعم ورد ذلك في النافلة مضافا إلى ظهور الأدلة في تعيين الصلاة والاجماع المدعى كما ترى واضعف منه الاستدلال عليه بالاحتياط واما القاضي فالمحكى عن المفيد النص على أنه ان لم يكن له ولد من الرجال قضى عنه أكبر أوليائه من أهله وان لم يكن فمن النساء وعن الإسكافي أولي الناس بالقضاء عن الميت أكبر ولده الذكور وأقرب أوليائه إليه ان لم يكن له ولد وفي كلام الصدوقين والرضوي انه يقضى الولي فإن لم يكن له ولى من الذكور قضى عنه وليه من النساء ونسب قول المفيد في الدروس إلى ظاهر القدماء والاخبار واختاره ولعله لاطلاق صحيحة حفص بن البختري عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يموت وعليه صلاة أو صيام قال يقضى عنه أولي الناس بميراثه قلت فإن كان أولي الناس به امرأته قال لا الا الرجل ومرسلة حماد قال سئلت أبا عبد الله (ع) في الرجل يموت وعليه دين من شهر رمضان من يقضيه عنه قال أولي الناس به قلت فإن كان أولي الناس به امرأته قال لا الا الرجل ورواية ابن سنان عن الصادق (ع) المحكية في الذكرى عن كتاب السيد الاجل ابن طاوس قال الصلاة التي حصل وقتها قبل ان يموت الميت يقضيه عنه أولي الناس به إلى غير ذلك فما اطلق فيه الولي المراد منه الأولى من غيره وهو يختلف باختلاف الموجودين من الناس المنتسبين إلى الميت فان ولده أولي به من أخيه وأخوه أولي به من عمه وهكذا بل قد يدعى شموله للمولى المعتق وضامن الجريرة لأنهما أولي الناس بالميت مع فقد الأقارب النسبية ولذا قيل بوجوب القضاء عليهما مع فقد القريب هذا مضافا إلى أن الحكم في صحيحة حفص معلق على الأولى بالإرث ولا اشكال في صدقه على ما عدا الأولاد مع عدمهم بل وعلى المولى وضامن الجريرة واما وجه تقديم الولد على الأب فلعله لان أكثرية نصيبه يدل عرفا على كونه أولي بالميت عن الأب مع أن النص ورد بان الأكثر نصيبا أولي بالميت من الأقل كما في صحيحة الكناسي وأخوك لأبيك وأمك أولي بك من أخيك لامك مع أن حكم المش؟ باستحقاق الولد خصوصا مجانا الحبوة التي هي عبارة عن خصايص الأب التي يعز على أولياء الميت ان يروها عند غير الميت يدل على اولويته بأبيه من غيره حتى جده نعم ينافي ذلك كله حكم المشهور في باب الجنايز بان الأب أولي من الولد في تجهيز الميت ولذا تنظر فيه هناك مائلا إلى مراعاة الاطلاقات هنا وهناك من يقدم الأب على الولد ويمكن ان يكون مستند المشهور هناك ان الأولى بالميت من حيث احكامه وأموره التي لابد ان تصدر باستصواب الأولياء هو الأب دون غيره ويمكن استشعار ذلك من قوله (ع) يصلى بالجنازة أولي الناس بها فان الأولى بالجنازة من حيث إنها جنازة لابد من التصرف فيها وتقلبها في الغسل والصلاة والدفن هو الأب عرفا والحاصل ان الموضوع للحكم في باب القضاء هو الميت من حيث شخصه ونفسه الانساني وفي الجنايز هو جسده وجنازته التي يتصرف فيها ويتقلب فالأولوية هنا عليه وفي القضاء له فت؟ وعلى كل حال فالمراد من أكثرية النصيب أكثرية نصيب النوع لأنها الكاشفة عرفا وشرعا عن أولوية ذلك النوع فلو عرض لشخص الولي قلة النصيب لتعدد اشخاص نوعه كما لو اجتمع له أب مع عشرة أولاد فلا يسقط أكبرهم عن الأولوية لكونه أقل سهما من الأب لان نوع الولد أكثر سهما فهو أولي فما يظهر من بعض المعاصرين من اعتبار أكثرية نصيب الشخص حتى أنه فصل في المسألة بين ما دون الخمسة من الأولاد إذا اجتمعوا مع الأب وبين الخمسة والأزيد لم أجد له وجها ظاهرا ثم اطلاق الأولى بالإرث في الصحيحة المتقدمة يشمل المولى المعتق وضامن الجريرة على الترتيب عند عدم غيرهما من الورثة الا ان العبادة المحكية عن المفيد وجماعة من القدماء خالية عن التصريح به لان المحكي عن المفيد المنسوب في الدروس إلى ظاهر القدماء انه لو فقد أكبر الذكور فاكبر أوليائه من أهله ولفظ الأهل ظ؟ فيمن عدا المعتق وضامن الجريرة وما أبعد ما بين هذا القول وبين ما اختاره الشيخ وأكثر من تأخر عنه من اختصاص التكليف بأكبر أولاد الذكور وكأنهم فهموا من صحيحة حفص ومرسلة حماد المتقدمتين ان المراد من الأولى بالميت الأولى للناس به على الاطلاق وبعبارة أخرى الأولى من كل أحد يفرض وجوده من الناس لا أولي الموجودين فعلا حين موت الميت ولا شك ان الأولى على الاطلاق بذلك المعنى هو الولد الذكر واما أولوية غيره من طبقات الورثة فأولويته اضافية يلاحظ فيها الموجودون من عند الموت وهذا غير بعيد مع أنه لو فرض احتمال الرواية لما ذكرنا احتمالا مساويا وجب الرجوع إلى أصالة البراءة ومما يؤيد إرادة ما ذكرنا بل يدل عليه ان صحيحة حفص ومرسلة حماد صريحتان في نفى التكليف عن النساء وكل من نفاه عنهن نفاه عمن عدا الولد من الذكور وكل من أثبته على من عدا الولد من الذكور أثبته على النساء فحمل الرواية على ما يعم الولد يوجب شذوذ الرواية وترك العمل بظاهرها بين الأصحاب من التفصيل بين من عدا الولد وبين النساء فيجب لأجل ذلك حمل الأولى على الأولوية على الاطلاق دون الإضافية نعم يظ؟ من المدارك العمل بظاهرها من التفصيل ثم المراد في كلامهم من الأكبر من لا أكبر منه فيعم المنحصر
(٤١٧)