وان على صاحب الزرع ان يحفظ بالنهار، وعلى صاحب الغنم حفظ الغنم بالليل.
فحكم داود عليه السلام بما حكمت به الأنبياء عليهم السلام من قبله.
وأوحى الله تعالى إلى سليمان: أي غنم نفشت في الزرع فليس لصاحب الزرع إلا ما خرج من بطونها، وكذلك جرت السنة بعد سليمان عليه السلام، وهو قول الله عز وجل (وكلا آتيناه حكما وعلما) فحكم كل واحد منهما بحكم الله عز وجل.
(تفسير علي بن إبراهيم) عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
كان في بني إسرائيل رجل كان له كرم ونفشت فيه غنم لرجل بالليل وقضمته وأفسدته فجاء صاحب الكرم إلى داود (ع) فاستدعى على صاحب الغنم فقال داود (ع) اذهب إلى سليمان (ع) ليحكم بينكما. فقال سليمان (ع): إن كانت الغنم اكلت الأصل والفرع فعلى صاحب الغنم ان يدفع إلى صاحب الكرم الغنم وما في بطنها، وإن كانت ذهبت بالفرع ولم تذهب بالأصل فإنه يدفع ولدها إلى صاحب الكرم.
وكان هذا حكم داود وانما أراد ان تعرف بني إسرائيل ان سليمان (ع) وصيه بعده ولم يختلفا في الحكم، ولو اختلف حكمهما لقال (كنا لحكمهما شاهدين).
(الكافي) عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ان الإمامة عهد من الله عز وجل معهود لرجال مسمين، ليس للامام ان يزويها عن الذي يكون من بعده ان الله تبارك وتعالى أوحى إلى داود عليه السلام: ان اتخذ وصيا من أهلك فإنه قد سبق في علمي ان لا ابعث نبيا إلا وله وصي من أهله.
وكان لداود (ع) عدة أولاد فيهم غلام كانت أمه ضد داود عليه السلام وكان لها محبا، فدخل داود عليه السلام عليها حين اتاه الوحي، فقال لها: ان الله عز وجل أوحى إلي: ان اتخذ وصيا من أهلي فقالت له امرأته: فليكن ابني قال ذاك أريد. وكان السابق في علم الله المحتوم: انه سليمان (ع).
فأوحى الله تعالى إلى داود (ع): ان لا تعجل، دون ان يأتيك أمري.
فلم يلبث ان ورد عليه رجلان يختصمان في الغنم والكرم فأوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام: ان أجمع ولدك فمن قضى بهذه القضية فأصاب، فهو وصيك