فانطلق معه ونظر إلى بلقيس وملكها، وما رجع إلى سليمان إلا وقت العصر.
فلما طلبه سليمان فلم يجده دعا عريف الطيور. وهو النسر فسأله عنه فقال ما أدري أين هو، وما أرسلته مكانا، ثم دعا بالعقاب فقال علي بالهدهد فارتفع فإذا هو بالهدهد مقبلا، فانقض نحوه فناشده الهدهد: بحق الله الذي قواك وغلبك علي، إلا ما رحمتني ولم تعرض لي بسوء فولى عنه العقاب وقال له ويلك ثكلتك أمك، ان نبي الله حلف ان يعذبك أو يذبحك.
ثم طارا متوجهين إلى سليمان عليه السلام.
فلما انتهى إلى المعسكر تلقته النسر والطير، فقالوا: توعدك نبي الله، فقال الهدهد: أو ما استثنى نبي الله؟ فقالوا بلى (أو ليأتيني بسلطان مبين).
فلما أتيا سليمان وهو قاعد على كرسيه، قال العقاب قد أتيتك به يا نبي الله فلما قرب الهدهد منه رفع رأسه وأرخى ذنبه وجناحيه يجرهما على الأرض تواضعا لسليمان عليه السلام، فأخذ برأسه فمده إليه، فقال أين كنت؟ فقال يا نبي الله أذكر وقوفك بين يدي الله تعالى فارتعد سليمان عليه السلام وعفى عنه.
(التهذيب) عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل (وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم) فقال: لا يكون النفش إلا بالليل، ان على صاحب الحرث ان يحفظ الحرث بالنهار، وليس على صاحب الماشية حفظها بالنهار، انما رعيها وأرزاقها بالنهار، فما أفسدت فليس عليها، وعلى صاحب الماشية حفظ الماشية بالليل عن حرث النهار فما أفسدت بالليل فقد ضمنوا.
وان داود عليه السلام حكم للذي أصاب زرعه رقاب الغنم، وحكم سليمان اللبن والصوف في ذلك العام.
وفيه عنه عليه السلام قال له أبو بصير: قول الله عز وجل: (وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث) قلت حين حكما في الحرث كانت قضية واحدة فقال: انه كان أوحى الله عز وجل إلى النبيين قبل داود (ع) إلى أن بعث داود (ع) أي غنم فنفشت في الحرث فلصاحب الحرث رقاب الغنم، ولا يكون النفش إلا بالليل،