والله والله ما هذا بأعجب مما تصنع من السحر! فذهب قارون مغاضبا واعتزل موسى باتباعه، وجعل موسى يداريه للقرابة بينهما، وهو يؤذيه في كل وقت ولا يزيد كل يوم إلا كبرا ومعاداة لموسى عليه السلام، حتى بنى دارا وجعل بابها من الذهب وضرب على جدرانها صفائح الذهب، وكان الملأ من بني إسرائيل يميلون إلى مجالسته ومضاحكته.
ثم إن الله سبحانه انزل الزكاة على موسى عليه السلام فصالح قارون على أن يعطي عن كل ألف دينار دينارا وعن كل ألف شاة شاة وعن كل الف شئ شيئا، فرجع إلى بيته فحسبه فوجده كثيرا، فلم تسمح بذلك نفسه! فجمع بني إسرائيل وقال لهم ان موسى قد امركم بكل شئ فأطعتموه وهو الآن يريد ان يأخذ أموالكم فقالوا له أنت كبيرنا وسيدنا فمرنا بما شئت، فقال آمركم ان تجيئوا بفلانة البغية فنجعل لها جعلا على أن تقذفه بنفسها! فإذا فعلت ذلك خرج عليه بنو إسرائيل، ورفضوه فاسترحنا منه فأتوا بها فجعل لها قارون ألف درهم.
وقيل: طشتا من الذهب وقال لها اني أمولك وأخلطك بنسائي على أن تقذفي بنفسك غدا إذا حضر بنو إسرائيل. فلما كان الغد جمع قارون بني إسرائيل فخرج إليهم موسى فقام فيهم خطيبا فوعظهم وقال: من سرق قطعنا يده ومن افترى جلدناه ثمانين جلدة ومن زنى وليست له امرأة جلدناه مائة ومن زنى وله امرأة رجمناه حتى يموت. فقال له قارون وإن كنت أنت؟ قال قارون فان بني إسرائيل يزعمون انك فجرت بفلانة! قال دعوها فان قالت فهو ما قالت، فلما ان جاءت قال لها موسى: يا فلانة انما انا فعلت بك ما يقول هؤلاء؟ وعظم عليها وسألها بالذي فلق البحر وانزل التوراة فلما ناشدها تداركها الله بالتوفيق وقالت في نفسها لئن أحدث اليوم توبة أفضل من أن أؤذي رسول الله فقالت: لا ولكن جعل لي قارون جعلا على أن أقذفك بنفسي.
فلما تكلمت بهذا الكلام نكس قارون رأسه وعرف انه وقع في مهلكة، وخر موسى ساجدا يبكي ويقول: يا رب ان عدوك قد آذاني وأراد فضيحتي،