معهم وإلا نزل بك العذاب فاستهان به وبقوله فخرج من عنده مغتما، فجلس في فناء قصره عليه جبة شعر ونعلان من جلد حمار فامر قارون ان يصب عليه رماد قد خلط بالماء فصب عليه فغضب موسى غضبا شديدا وكان في كتفه شعرات كان إذا غضب خرجت من ثيابه وقطر منها الدم.
فقال موسى: يا رب إن لم تغضب لي فلست لك بنبي، فأوحى الله إليه. قد أمرت السماوات والأرض أن تطيعك، فمرها بما شئت. وقد كان قارون امر ان يغلق باب القصر، فأقبل موسى فأومى إلى الأبواب فانفرجت ودخل عليه، فلما نظر إليه قارون علم أنه قد أوتي بالعذاب، فقال يا موسى أسألك بالرحم بيني وبينك، فقال له موسى: يا ابن لاوي لا يردني كلامك يا أرض خذيه فدخل القصر بما فيه في الأرض ودخل قارون في الأرض إلى الركبة، فبكى وحلفه بالرحم فقال له موسى يا ابن لاوي لا يردني من كلامك.
وهذا ما قال موسى لقارون يوم أهلكه الله فعيره بما قاله لقارون، فعلم موسى ان الله قد عيره بذلك، فقال: يا رب ان قارون دعاني بغيرك ولو دعاني بك لأجبته، فقال الله. يا ابن لاوي لا تردني من كلامك، فقال موسى يا رب لو علمت أن ذلك لك رضا لأجبته، فقال الله تعالى: وعزتي وجلالي لو أن قارون كما دعاك دعاني لأجبته ولكنه لما دعاك وكلته إليك، يا بن عمران لا تجزع من الموت، فاني كتبت الموت على كل نفس وقد مهدت لك مهادا لو قد وردت عليه لقرت عينك.
فخرج موسى إلى جبل طور سيناء مع وصيه، فصعد موسى الجبل فنظر إلى رجل قد أقبل ومعه مكتل ومسحاة، فقال له موسى: ما تريد؟ قال إن رجلا من أولياء الله توفى فأنا احفر قبره، فقال له موسى: أفلا أعينك عليه، قال بلى، فحفر القبر، فلما فرغا أراد الرجل أن ينزل إلى القبر، فقال له موسى: ما تريد؟
قال أدخل القبر فأنظر كيف مضجعه، فقال موسى: انا أكفيك فدخل موسى فاضطجع فيه، فقبض فيه ملك الموت روحه وانضم عليه الجبل.