المنشور: اللهم إني أسألك بما سألك به هذا الفتى من الصلاة على محمد وآله الطيبين ان تبقيني في الدنيا ممتعا بابنة عمي وهبت له لمسألته وتوسله بمحمد وآله الطيبين سبعين سنة تمام مائة وثلاثين سنة صحيحة حواسه ثابت فيها جنانه قوية فيها شهواته يتمتع بحلال الدنيا ويعيش ولا تفارقه، فإذا حان حينهما وماتا جميعا معا، فصارا إلى جناني، فكانا زوجين فيها ناعمين.
ولو سألني هذا الشقي القاتل، بمثل ما توسل به هذا الفتى على صحة اعتقاده ان اعصمه من الحسد وأقنعته بما رزقته وذلك هو الملك العظيم لفعلت، ولو سألني بذلك مع التوبة أن لا أفضحه، لما فضحته، ولصرفت هؤلاء عن اقتراح إبانة القاتل لأغنيت هذا الفتى من غير هذا الوجه بقدر هذا المال، ولو سألني بعد ما افتضح وتاب إلي وتوسل بمثل وسيلة هذا الفتى ان انسى الناس فعله بعد ما الطف لأوليائه فيعفون عن القصاص لفعلت وكان لا يعيره بفعله أحد.
فلما ذبحوها، قال الله تعالى: (فذبحوها وما كادوا يفعلون) وأرادوا ان لا يفعلوا ذلك من عظم ثمن البقرة ولكن اللجاج حملهم على ذلك واتهامهم لموسى حداهم قال: فضجوا إلى موسى عليه السلام وقالوا: افتقرت القبيلة ووقف إلى التكفف وانسلخا بلجاجنا عن قليلنا وكثيرنا، فادع الله لنا بسعة الرزق فقال لهم موسى ويحكم ما أعمى قلوبكم اما سمعتم دعاء الفتى صاحب البقرة وما أورثه الله تعالى من الغنى أو ما سمعتم دعاء المقتول المنشور؟ وما أتم له من العمر الطويل والسعادة والتنعم بحواسه لما لا تدعون الله بمثل وسيلتهما، ليسد فاقتكم فقالوا: اللهم إليك التجأنا وعلى فضلك اعتمدنا فأزل فقرنا وسد خلتنا بجاه محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والطيبين من آلهم فأوحى الله تعالى إليه: يا موسى ليذهب رؤساؤهم إلى خربة بني فلان وتكشفوا في موضع كذا وجه أرضها قليلا ويستخرجوا ما هناك، فإنه عشرة آلاف دينار ليردوا على كل من دفع في ثمن هذه البقرة ما دفع لتعود أحوالهم، ثم ليقاسموا بعد ذلك ما يفضل وهي خمسة آلاف دينار على قدر ما دفع كل واحد منهم في هذه المحنة لتضاعف أحوالهم