خر موسى ساجدا وعفر خديه في التراب، تذللا منه لربه عز وجل. فأوحى الله إليه: إرفع رأسك يا موسى، ومر يدك على موضع سجودك وامسح بها وجهك وما نالته من بدنك، فإنه أمان من كل سقم وداء وآفة وعاهة.
وفي حديث آخر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: أوحى الله عز وجل إلى موسى عليه السلام: أتدري لم اصطفيتك بكلامي دون خلقي؟ فقال موسى لا يا رب فقال: يا موسى اني قلبت عبادي ظهرا لبطن، فلم أجد أحدا فيهم أذل لي منك نفسا يا موسى انك إذا صليت وضعت خديك على التراب.
(وروي) ان موسى عليه السلام: كان إذا صلى لم ينفتل حتى يلصق خده الأيمن بالأرض والأيسر.
أقول: هذا الوضع على التراب بعد الصلاة هو سجدة الشكر، الذي قال به علماؤنا ونطقت به اخبارنا، وشنع المخالفون به علينا تشنيعا شنيعا وقالوا ان سجدة الشكر من مبتدعات اليهود والرافضة. ورووا في اخبارهم: ان أول من سجد سجدة الشكر في الاسلام هو أمير المؤمنين عليه السلام، لما امر بالمبيت على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله ليلة الغار.
تفسير علي بن إبراهيم، عن الصادق عليه السلام قال: ان بني إسرائيل كانوا يقولون: ليس لموسى ما للرجال وكان موسى (ع) إذا أراد الاغتسال ذهب إلى موضع لا يراه فيه أحد، وكان يوما يغتسل على شط نهر، وقد وضع ثيابه على صخرة، فأمر الله الصخرة فتباعدت عنه، حتى نظر بنو إسرائيل إليه، فعلموا انه ليس كما قالوا، فأنزل الله: (يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا...) الآية.
قال امين الاسلام الطبرسي: اختلفوا فيما آذوا به موسى عليه السلام على أقوال:
(أحدها) ان موسى وهارون عليهما السلام صعدا الجبل، فمات هارون، فقالت بنو إسرائيل أنت قتلته، فأمر الله الملائكة فحملته حتى مروا به على بني إسرائيل ، وتكلمت الملائكة بموته، حتى عرفوا انه قد مات. فبرأه الله من ذلك.