بإفريقية مع عم لي إلى مزدرع لنا فحفرنا موضعا فأصبنا ترابا هشا فحفرنا عامة يومنا حتى انتهينا إلى بيت كهيئة الأذج، فإذا فيه شيخ مسجى وإذا عند رأسه كتابة فقرأتها فإذا هي: انا حسان بن سنان الأوزاعي رسول شعيب النبي عليه السلام إلى أهل هذه البلاد، دعوتهم إلى الايمان بالله فكذبوني وحبسوني في هذا الحفر إلى أن يبعثني الله وأخاصمهم يوم القيامة.
وذكروا ان سليمان بن عبد الملك مر بوادي القرى فامر ببئر يحفر فيه ففعلوا فانتهى إلى صخرة، فاستخرجت فإذا تحتها رجل عليه قميصان واضع يده على رأسه، فجذبت يده، فشج مكانها بدم، ثم تركت فرجعت إلى مكانها فرقا الدم فإذا معه كتاب فيه: انا الحارث بن شعيب الغساني رسول شعيب إلى أهل مدين فكذبوني وقتلوني.
وقال وهب: بعث الله شعيبا إلى أهل مدين، ولم يكونوا قبيلة شعيب التي كان منها ولكنهم كانوا أمة من الأمم بعث إليهم شعيب، وكان عليهم ملك جبار ولا يطيقه أحد من ملوك عصره، وكانوا ينقصون المكيال والميزان ويبخسون الناس أشياءهم مع كفرهم بالله وتكذيبهم لنبيه، وكانوا يستوفون إذا اكتالوا لأنفسهم أو وزنوا لها، وكانوا في سعة من العيش، فأمرهم الملك باحتكار الطعام ونقص المكاييل والموازين، ووعظهم شعيب، فأرسل إليه الملك، ما تقول ما صنعنا، أراض أنت أم ساخط؟ فقال شعيب: أوحى الله تعالى إلي: ان الملك إذا صنع مثل ما صنعت، يقال له: ملك فاجر، فكذبه الملك وأخرجه وقومه من المدينة.
قال الله تعالى حكاية عنهم: (لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا فزادهم شعيب في الوعظ فقالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك، ان نترك ما يعبد آباؤنا أو ان نفعل في أموالنا ما نشاء) فأذوه بالنفي من بلادهم، فسلط الله عليهم الحر والغيم، حتى أنضجهم الله، فلبثوا فيه تسعة أيام وصار ماؤهم حميما لا يستطيعون شربه فانطلقوا إلى غيضة لهم، وهو قوله تعالى: (وأصحاب الأيكة) فرفع الله لهم سحابة سوداء، فاجتمعوا في ظلها، فأرسل الله عليهم نارا منها فأحرقتهم فلم