كان له من أهل ومال، الا وقد أضعفه الله تعالى، فجلس على مكان مشرف.
ثم إن امرأته قالت: أرأيت ان كان كان طردني إلى من اكله؟ ادعه يموت جزعا ويضيع فتأكله السباع فرجعت فلا كناسة ترى ولا تلك الحالة التي كانت فجعلت تبكي على أيوب، وهابت صاحب الحلة ان تأتيه فتسأله عنه فدعاها أيوب فقال:
ما تريدين يا أمة الله؟ فبكت وقالت: أردت ذلك المبتلى الذي كان منبوذا على الكناسة لا أدري أضاع أم ما فعل؟ قال لها: فهل تعرفينه إذا رأيتيه؟ فقالت:
اما انه كان أشبه خلق الله بك إذا كان صحيحا قال: فاني أيوب الذي امرتني ان اذبح لإبليس واني أطعت الله تعالى وعصيت الشيطان، ودعوت الله تعالى فرد علي ما ترين. وقيل: ان إبليس تعرض لرحمة وقال: لو أن أيوب سجد لي سجدة واحدة لرددت عليه كلما اخذت منه، وانا إله الأرض وانا الذي صنعت بأيوب ما صنعت.
واراها أولادها والمال في بطن الوادي.
وقال وهب: ان إبليس قال لرحمة لو أن صاحبك اكل طعاما ولم يسم عليه، لعوفي مما به من البلاء.
ورأيت في بعض الكتب: ان إبليس لعنه الله قال لرحمة: وان شئت فاسجدي لي سجدة واحدة، حتى أرد عليك المال والأولاد وأعافي زوجك فرجعت إلى أيوب فأخبرته بما قال لها قال: لقد اتاك عدو الله ليفتنك عن دينك، ثم أقسم ان عافاه الله تعالى ليضربها مائة جلدة، وقال عند ذلك: (مسني الضر) في طمع إبليس في سجود رحمة له ودعائه إياها.
وقيل: انما قال ذلك: حين قصدت الدود قلبه ولسانه فخشي ان يبقى خاليا من الذكر والفكر.
وقيل: انما قال ذلك: حين وقعت الدودة في فخذه، فرفعها وردها إلى موضعها فقال لها: قد جعلني الله طعامك، فعضته عضة زاد المها على جميع ما قاسى من عض الديدان. وقيل: انما قال ذلك: عند شماتة الأعداء، فقال: (رب اني مسني الضر) يعني شماتة الأعداء.