وصاروا عبيدا له. فقال يوسف للملك: ما ترى فيما خولني ربي؟ قال الرأي رأيك قال: اني اشهد الله وأشهدك أيها الملك اني أعتقت أهل مصر كلهم ورددت عليهم أموالهم وعبيدهم ورددت عليك خاتمك وسريرك وتاجك. على أن لا تسير الا بسيرتي ولا تحكم الا بحكمي، فقال له الملك: ان ذلك لديني وفخري، وانا اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وانك رسوله... الحديث.
وقال في (العرائس): فلما تبين للملك عذر يوسف وعرف أمانته وكفايته وعقله (قال ائتوني به استخلصه لنفسي فلما جاءه الرسول) قال أجب الملك الآن فخرج يوسف ودعا لأهل السجن بدعاء يعرف إلى اليوم، وذلك أنه قال: اللهم اعطف عليهم قلوب الأخيار ولا تعم عليهم الاخبار، فهم اعلم الناس بالاخبار إلى اليوم في كل بلدة، فلما خرج من السجن كتب على بابه: (هذا قبر الاحياء وبيت الأحزان وتجربة الأصدقاء وشماتة الأعداء) ثم اغتسل وتنظف وقصد الملك فلما ان نظر إلى الملك سلم عليه يوسف بالعربية، فقال له الملك: ما هذا اللسان؟
قال: لسان عمي إسماعيل، ثم دعا بالعبرانية، فقال له الملك: ما هذا اللسان؟ قال لسان آبائي، وكان الملك يتكلم بسبعين لسانا، فلما كلم الملك يوسف بلسان اجابه يوسف بذلك اللسان، فأعجب الملك بما رأى منه، وكان يوسف عليه السلام ابن ثلاثين سنة، فلما رأى الملك حداثة سنه وغزارة علمه، قال لمن عنده: ان هذا علم تأويل رؤياي، ولم تعلمه السحرة والكهنة، ثم قال له: اني أحب ان اسمع رؤياي منك شفاها؟ فقال يوسف نعم، أيها الملك رأيت سبع بقرات سمان شهب حسان غر كشف لك عنهن النيل فطلعن لك من شاطئه تشخب أخلافهن لبنا، فبينا أنت تنظر إليهن ويعجبك حسنهن إذ نضب النيل وغار ماؤه وبدا قعره وخرج من حماته ووحله سبع بقرات عجاف شعث ليس لهن ضروع ولا خلاف ولهن أنياب وأضراس وأكف كأكف الكلاب وخراطيم كخراطيم السباع، فاختلطن بالسمان فافترسنهن افتراس السبع وأكلن لحومهن ومزقن جلودهن وحطمن عظامهن، فبينا أنت تتعجب إذا سبع سنابل خضر وسبع سنابل اخر سود في منبت واحد عروقهن في الثرى