وفي الرواية: ان اخوة يوسف لما انطلقوا به إلى الجب جعلوا يدلونه في البئر وهو يتعلق بشفيرها ثم نزعوا قميصه عنه وهو يقول: لا تفعلوا، ردوا علي القميص أتوارى به؟ فيقولون: ادع الشمس والقمر والأحد عشر كوكبا تؤنسك. فدلوه إلى البئر حتى إذا بلغ نصفها ألقوه، إرادة ان يموت. وكان في البئر ماء فسقط فيه ثم آوى إلى صخرة فقام عليها وكان يهودا يأتيه بالطعام والشراب.
وقيل: ان الجب أضاء له وعذب ماؤه حتى أغناه عن الطعام.
(علل الشرايع) سمعت محمد بن عبد الله بن طيفور يقول في قول يوسف عليه السلام: (رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه) ان يوسف رجع إلى اختيار نفسه فاختار السجن فوكل إلى اختياره والتجأ نبي الله محمد صلى الله عليه وآله إلى الاختيار، فتبرأ من الاختيار ودعا دعاء الافتقار فقال على رؤية الاضطرار: يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على طاعتك فعوفي من العلة وعصم فاستجاب الله له وأحسن اجابته. وهو ان الله عصمه ظاهرا وباطنا.
وسمعته يقول في قول يعقوب: (هل آمنكم عليه إلا كما آمنتكم على أخيه من قبل):
ان هذا مثل قول النبي صلى الله عليه وآله لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين وذلك أنه سلم يوسف إليهم. فغشوه حين اعتمد على حفظهم له وانقطع في رعايته إليهم. فألقوه في غيابة الجب وباعوه.
ولما انقطع إلى الله في الابن الثاني وسلمه واعتمد في حفظه وقال: (فالله خير حافظا) أقعده على سرير المملكة ورد يوسف إليه واخرج القوم من المحنة واستقامت أسبابهم.
وسمعته يقول في قول يعقوب (يا أسفي على يوسف) انه عرض في التأسف بيوسف وقد رأى في مفارقته فراقا آخر. وفي قطيعته قطيعة أخرى فتلهف عليها وتأسف من اجلها.
كقول الصادق (ع) في معنى قوله عز وجل (ولنذيقنهم من العذاب الأدنى