فقال لها لا يعبر على بابي سائل الا أطعمتموه، فان اليوم يوم الجمعة، قلت له:
ليس كل من يسأل مستحقا؟ فقال يا ثابت أخاف ان يكون بعض من يسألنا مستحقا فلا نطعمه ونرده، فينزل بنا أهل البيت ما نزل بيعقوب وآله: ان يعقوب كان يذبح كل يوم كبشا فيتصدق منه ويأكل هو وعياله منه، وان سائلا مؤمنا صواما مستحقا له عند الله منزلة، وكان مجتازا غريبا مر على باب يعقوب عشية الجمعة عند أوان افطاره يهتف على بابه: اطعموا السائل الغريب الجائع، من فضل طعامكم يهتف بذلك على بابه مرارا وهم يسمعونه، قد جهلوا حقه ولم يصدقوا قوله، فلما يئس ان يطعموه وغشيه الليل استرجع وشكى جوعه إلى الله عز وجل وبات طاويا، وأصبح جائعا صابرا حامدا لله تعالى، وبات يعقوب وآل يعقوب شباعا بطانا، وعندهم فضلة من طعامهم، فأوحى الله عز وجل إلى يعقوب في صبيحة تلك الليلة:
لقد أذللت يا يعقوب عبدي ذلة استوجبت بها أدبي عليك وعلى ولدك، يا يعقوب ان أحب أنبيائي إلي من رحم مساكين عبادي وأطعمهم وكان لهم مأوى، يا يعقوب ما رحمت عبدي ذميال العابد لما مر ببابك عند افطاره وهتف بكم اطعموا السائل الغريب، فلم تطعموه، فشكا ما به إلي وبات طاويا حامدا لي وأصبح صائما، وأنت يا يعقوب وولدك شباع وأصبحت عندكم فضلة من طعامكم، أو علمت يا يعقوب ان العقوبة والبلوى إلى أوليائي أسرع منها إلى أعدائي، وذلك حسن النظر مني لأوليائي واستدراج مني لأعدائي، اما وعزتي لأنزل بك بلواي ولأجعلنك وولدك عرضا لمصائبي فاستعد لبلواي، فقلت لعلي بن الحسين جعلت فداك: متى رأى يوسف الرؤيا؟ فقال في تلك الليلة التي بات فيها يعقوب وآل يعقوب شباعا وبات فيها ذميال طاويا جائعا فلما رأى يوسف الرؤيا وأصبح يقصها على أبيه يعقوب فاغتم يعقوب لما سمع من يوسف ما أوحى الله عز وجل إليه ان استعد للبلاء، فقال يعقوب ليوسف: (لا تقصص رؤياك هذه على اخوتك فاني أخاف ان يكيدوا لك كيدا) فلم يكتم يوسف رؤياه وقصها على اخوته، وكانت أول بلوى نزلت بيعقوب وآل يعقوب، الحسد ليوسف، لما سمعوا منه الرؤيا،