أنبيائه وانه لمحزون، قال لهم يوسف: فما حزنه وهو نبي الله وابن أنبيائه والجنة مأواه وهو ينظر إليكم في مثل عددكم وقوتكم فلعل حزنه انما هو من قبل سفهكم وجهلكم؟ قالوا: أيها الملك لسنا بجهال ولا سفهاء ولا اتاه الحزن من قبلنا، ولكن كان له ابن كان أصغرنا سنا، يقال له: يوسف، فخرج معنا إلى الصيد فأكله الذئب، فلم يزل بعده حزينا. فقال لهم يوسف كلكم من أب واحد؟ قالوا أبونا واحد وأمهاتنا شتى. قال فما حمل أباكم على أن سرحكم كلكم وحبس منكم واحدا يأنس به ويستريح إليه؟ قالوا: قد فعل، قد حبس منا واحدا هو أصغرنا سنا. قال ولم اختاره من بينكم؟ قالوا لأنه أحب أولاده إليه بعد يوسف. فقال لهم يوسف اني احبس منكم واحدا، يكون عندي وارجعوا إلى أبيكم واقرؤه مني السلام وقولوا له: يرسل إلي بابنه الذي زعمتم انه حبسه عنده ليخبرني عن حزنه وعن سرعة الشيب إليه قبل أوان مشيبه وعن بكائه وذهاب بصره؟ فلما قال هذا، اقترعوا بينهم، فخرجت القرعة على شمعون، فأمر به فحبس. فلما ودعوا شمعون قال لهم يا إخوتاه انظروا ماذا وقعت فيه واقرؤا والدي مني السلام. فودعوه وساروا حتى وردوا الشام ودخلوا على يعقوب عليه السلام وسلموا عليه سلاما ضعيفا فقال لهم: يا بني ما لكم تسلمون سلاما؟ ضعيفا وما لي لا اسمع فيكم صوت خليلي شمعون؟ قالوا:
يا أبانا انا جئناك من أعظم الناس ملكا لم ير الناس مثله حكما وعلما وإن كان لك شبيه، فإنه لشبيهك، ولكنا أهل بيت خلقنا للبلاء، اتهمنا الملك وزعم أنه لا يصدقنا حتى ترسل معنا بنيامين برسالة منك، يخبره عن حزنك وعن سرعة الشيب إليك وعن بكائك وذهاب بصرك. فظن يعقوب عليه السلام ان ذلك مكر منهم، فقال لهم: يا بني بئس العادة عادتكم، كلما خرجتم في وجه نقص منكم واحد، لا أرسله معكم، (فلما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم) من غير علم منهم، فأقبلوا إلى أبيهم فرحين، فقالوا يا أبانا ان هذه بضاعتنا ردت إلينا.
قال يعقوب قد علمتم ان بنيامين أحبكم إلي بعد أخيكم يوسف وبه انسى، فلن أرسله معكم حتى تؤتوني موثقا من الله لتأتيني به الا ان يحاط بكم، فضمنه