فاشتراه رجل منهم بعشرين درهما وسار به الذي اشتراه من البدو إلى مصر فباعه من ملك مصر.
فلما راهق يوسف راودته امرأة الملك عن نفسه. فقال لها معاذ الله انا من أهل بيت لا يزنون، فغلقت الأبواب عليها وعليه وقالت لا تخف وألقت نفسها عليه فأفلت منها هاربا إلى الباب ففتحه فلحقت به فجذبت قميصه من خلفه فأفلت منها ثيابه (وألفيا سيدها لدى الباب قالت ما جزاء من أراد باهلك سوءا الا ان يسجن أو عذاب اليم) فهم الملك بيوسف ليعذبه. فقال له يوسف: ما أردت بأهلك سوءا بل هي راودتني عن نفسي، فاسأل هذا الصبي أينا راود صاحبه عن نفسه؟ فأنطق الله الصبي لفصل القضاء فقال: يا أيها الملك انظر إلى قميص يوسف فان كان مقدودا من قدامه فهو الذي راودها، وان كان مقدودا من خلفه فهي التي راودته؟ فنظر إلى القميص فرآه مقدودا من خلفه، فقال (انه من كيدكن) وقال ليوسف اعرض عن هذا ولا يسمعه أحد منك واكتمه، فلم يكتمه يوسف وأذاعه في المدينة حتى قلن نسوة: (امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه) فبلغها ذلك، فأرسلت إليهن وهيأت لهن طعاما ثم آتتهن بأترج (وآتت كل واحدة منهن سكينا وقالت اخرج عليهن، فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن... * فقالت هذا الذي لمتنني فيه...) فخرجت النسوة من عندها، فأرسلت كل واحدة منهن إلى يوسف سرا من صاحبها تسأله الزيارة فأبى عليهن.
ولما شاع امر يوسف وامرأة العزيز والنسوة في مصر، بدا للملك بعد ما سمع قول الصبي، ليسجنن يوسف فسجنه في السجن.
أقول: قال امين الاسلام الطبرسي رحمه الله: قيل: ان النسوة قلن ليوسف اطع مولاتك واقض حاجتها فإنها المظلومة وأنت الظالم.
وقال السدي: سبب السجن: ان المرأة قالت لزوجها ان هذا العبد فضحني بين الناس ولست أطيق ان اعتذر بعذري فاما ان تأذن لي فاخرج واعتذر بعذري واما ان تحبسه كما حبستني؟ فحبسه بعد علمه ببراءته.