كان قويا عظيم التأثر. وأما إذا كان غربيا وقريبا من الأفول، فإنه يكون ضعيف الأثر قليل القوة. فنبه بهذه الدقيقة على أن الإله هو الذي لا تتغير قدرته إلى العجز وكماله إلى النقص، ومذهبكم ان الكوكب حال كونه في الربع الغربي يكون ضعيف القوة ناقص التأثير، عاجزا عن التدبير، وذلك يدل على القدح في إلهيته. فظهر ان على قول المنجمين للأفول مزيد اختصاص في كونه موجبا للقدح في الإلهية، انتهى.
الامر الخامس - تأويل قوله عليه السلام (بل فعله كبيرهم) وقد ذكروا له وجوها:
الأول - ما ذكره علم الهدى نور الله ضريحه: وهو ان الخبر مشروط غير مطلق لأنه قال (... ان كانوا ينطقون). ومعلوم ان الأصنام لا تنطق، فما علق على المستحيل فهو مستحيل فأراد إبراهيم توبيخهم بعبادة من لا ينطق ولا يقدر ان يخبر عن نفسه بشئ، فإذا علم استحالة النطق علم استحالة الفعل، وعلم باستحالة الامرين انه لا يجوز ان تكون آلهة معبودة، وان من عبدها ضال مضل. ولافرق بين قوله انهم فعلوا ذلك أن كانوا ينطقون وبين قوله انهم ما فعلوا ذلك ولا غيره، لأنهم لا ينطقون ولا يقدرون.
واما قوله: (فاسألوهم) فإنما هو امر بسؤالهم أيضا على شرط والنطق منهم شرط في الامرين، فكأنه قال (إن كانوا ينطقون) فاسألوهم فإنه لا يمتنع ان يكونوا فعلوه، وهذا يجري مجرى قول أحدنا لغيره من فعل هذا الفعل؟ فيقول:
زيد فعل كذا وكذا ويشير إلى فعله يضيفه السائل إلى زيد، وليس في الحقيقة من فعله ويكون غرض المسؤول نفي الامرين عن زيد وتنبيه السائل على خطأه في اضافته إلى زيد.
الثاني - انه لم يكن قصد إبراهيم عليه السلام إلى أن ينسب الأمر إلى الصادر عنه إلى الصنم وإنما قصد تقريره لنفسه واثباته لها على وجه تعريضي، وهذا كما لو قال صاحبك وقد كتبت كتابا بخط رشيق وأنت تحسن الخط أنت كتبت هذا