نمرود، وامر باحراقه ولم يحترق، أمرهم ان ينفوه من بلاده وان يمنعوه من الخروج بما يشتهيه وماله فحاجهم إبراهيم فقال: ان أخذتم ماشيتي ومالي فان حقي عليكم ان تردوا علي ما ذهب من عمري في بلادكم، واختصموا إلى قاضي نمرود. فقضى ان الحق لإبراهيم فخلوا سبيله وسبيل ماشيته وماله فأخرجوا إبراهيم ولوطا معه من بلادهم إلى الشام إلى بيت المقدس، فعمل تابوتا وجعل فيه سارة وشد عليه الاغلاق، غيرة منه عليها ومضى حتى خرج من سلطان نمرود. ودخل في سلطان رجل من القبط يقال له عرارة، فمر بعاشر له فاعترضه العاشر ليعشر ما معه. فقال العاشر لإبراهيم افتح هذا التابوت حتى نعشر ما فيه. فقال إبراهيم: قل ما شئت فيه من ذهب أو فضة حتى نعطيك عشره ولا تفتحه. فأبى العاشر الا فتحه، وغضب إبراهيم عليه السلام.
فلما بدت له سارة وكانت موصوفة بالحسن والجمال قال له العاشر: ما هذه منك؟
قال إبراهيم: هي حرمتي وابنة خالتي. فقال له العاشر: لست أدعك تبرح حتى اعلم الملك حالها وحالك، فبعث رسولا إلى الملك فأعلمه، فبعث الملك رسولا من قبله ليأتوه بالتابوت. فقال إبراهيم عليه السلام: لا أفارق التابوت. فحملوه مع التابوت إلى الملك فقال له: افتح التابوت فقال إبراهيم: ان فيها حرمتي وابنة خالتي وانا مفتد لا أفتحه بجميع ما معي. فغضب الملك على إبراهيم لعدم فتحه فلما رأى سارة لم يملك حلمه ان مد يده إليها. فأعرض إبراهيم وجهه عنه وعنها غيرة وقال: اللهم احبس يده عن حرمتي وابنة خالتي. فلم تصل يده إليها ولم ترجع إليه. فقال له الملك: ان إلهك هو الذي فعل بي هذا؟ فقال نعم ان إلهي غيور يكره الحرام فقال له الملك:
فادع إلهك ان يرد علي يدي فان أجابك فلم أتعرض لها فقال إبراهيم: إلهي رد عليه يده ليكف عن حرمتي. فرد الله عز وجل عليه يده، فأقبل الملك عليها ببصره ثم عاد بيده نحوها فأعرض إبراهيم غيرة وقال: اللهم احبس يده عنها فيبست يده ولم تصل إليها فقال الملك لإبراهيم ان إلهك لغيور وانك لغيور، فادع إلهك يرد علي يدي فإنه ان فعل لم أعد افعل. فقال إبراهيم أسأله ذلك على انك ان عدت لم تسألني ان أسأله فقال له الملك نعم فقال إبراهيم اللهم ان كان صادقا فرد عليه يده، فرجعت إليه.