اللسان على وجه المصلحة لاحياء الخلق بالايمان.
الامر الرابع: وجه الاستدلال بالأفول على عدم صلاحيتها للربوبية.
(قال الرازي): الأفول عبارة عن غيبوبة الشيء بعد ظهوره.
وإذا عرفت هذا فلسائل ان يقول الأفول انما يدل على الحدوث من حيث إنه حركة وعلى هذا يكون الطلوع أيضا دليلا على الحدوث فلم ترك إبراهيم (ع) الاستدلال على حدوثها بالطلوع وعول في اثبات هذا المطلوب على الأفول.
(والجواب): انه لاشك ان الطلوع والغروب يشتركان في الدلالة على الحدوث والا ان الدليل الذي يحتج به الأنبياء في معروض دعوة الخلق كلهم إلى الإله لابد وأن يكون ظاهرا جليا بحيث يشترك في فهمه الذكي والغبي والعاقل ودلالة الحركة على الحدوث وان كانت يقينية إلا انها دقيقة لا يعرفها الا الأفاضل من الخلق. واما دلالة الأفول فكانت على هذا المقصود، وأيضا قال بعض المحققين:
الهوى في حظيرة الامكان.
أقول: وأحسن الكلام ما يحصل فيه حصة الخواص وحصة الأوساط وحصة العوام، فان الخواص يفهمون من الأفول الامكان وكل ممكن محتاج، والمحتاج لا يكون مقطعا للحاجة، فلابد من الانتهاء إلى ما يكون منزها عن الامكان حتى تنقطع الحاجات بسبب وجوده كما قال (وان إلى ربك المنتهى). واما الأوساط فإنهم يفهمون من الأفول مطلق الحركة فكل متحرك محدث وكل محدث محتاج إلى القديم القادر فلا يكون الآفل إلها بل الإله هو الذي احتاج إليه هذا الأقل. واما العوام فإنما يفهمون من الأفول الغروب وهم يشاهدون ان كل كوكب يقرب من الأفول فإنه يزول فورا ضوءه ويذهب سلطانه ويصير كالمعدوم ومن كان كذلك فإنه لا يصلح للإلهية، فهذه الكلمة الواحدة أعني قوله (لا أحب الآفلين) مشتملة على نصيب المقربين وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال، فكانت أكمل الدلائل وأفضل البراهين، وفيه دقيقة أخرى وهي انه عليه السلام كان يناظرهم وهم كانوا منجمين ومذهب أهل النجوم إذا كان في الربع الشرقي ويكون شاهدا إلى وسط السماء