أحدها - ان الله تعالى أزال منها ما فيها من الحر والاحراق وأبقى ما فيها من الإضاءة والاشراق. وثانيها - الله سبحانه خلق في جسم إبراهيم كيفية مانعة من وصول أذى النار إليه كما يفعل بخزنة جهنم في الآخرة، كما أنه ركب بنية النعامة بحيث لا يضرها ابتلاع الحديدة المحماة بدن السمندر وبحيث لا يضره المكث في النار.
وثالثها - انه خلق بينه وبين النار حائلا يمنع من وصول النار إليه.
قال المحققون: والأول أولى لان ظاهر قوله (يا نار كوني بردا) ان نفس النار صارت باردة.
(وعنه) صلى الله عليه وآله: انه لما ألقى إبراهيم في النار نزل جبرئيل (ع) بقميص من الجنة وطنفسة من الجنة فألبسه القميص وأقعده على الطنفسة وقعد معه يحدثه.
(وفى التفسير): أنه لما ألقى نمرود إبراهيم عليه السلام في النار وجعلها الله بردا وسلاما قال نمرود يا إبراهيم من ربك؟ قال ربى الذي يحيى ويميت قال له نمرود أنا أحيي وأميت، قال إبراهيم كيف تحيي وتميت؟ قال اعمد إلى رجلين ممن قد وجب عليهما القتل، فأطلق عن واحد واقتل واحدا فكنت أمت وأحييت، فقال إبراهيم ان كنت صادقا فأحيى الذي قتلته، ثم قال دع هذا فان ربى يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر.
(وعن) أبى عبد الله عليه السلام قال: ملك الأرض كلها أربعة: مؤمنان وكافران، فأما المؤمنان فسليمان بن داود وذو القرنين عليهما السلام، والكافران نمرود وبخت نصر، واسم ذي القرنين عبد الله بن ضحاك بن معد. وأول منجنيق عمل في الدنيا منجنيق عمل لإبراهيم عليه السلام بسور الكوفة في نهر يقال له كوفي وفي قرية يقال لها قنطانا.
(علل الشرايع) سأل الشامي أمير المؤمنين عليه السلام عن قول الله عز وجل: (يوم يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه * وصاحبته وبنيه) من هم فقال عليه السلام:
قابيل يفر من هابيل. والذي يفر من أمه موسى. والذي يفر من أبيه إبراهيم.
والذي يفر من صاحبته لوط. والذي يفر من ابنه نوح، يفر من ابنه كنعان.