كان عليها الدهن فأعجب بها وفيها شاب كأن وجهه شقة قمر طالع، فقال يا فتى لمن هذه الغنم؟ قال لإبراهيم خليل الرحمن، قال فمن أنت؟ قال انا ابنه إسحاق، فقال ماريا في نفسه: اللهم أرني عبدك وخليلك حتى أراه قبل الموت، ثم رجع إلى مكانه ورفع إسحاق خبره إلى أبيه، فكان إبراهيم يتعاهد ذلك المكان ويصلى فيه، فسأله إبراهيم عن اسمه وما اتى عليه من السنين فخبره، فقال أين تسكن؟ قال في غيضة.
قال إبراهيم انى أحب ان آتي موضعك فانظر إليه وكيف عيشك فيها، فقال انى أيبس من الثمار الرطب ما يكفيني إلى قابل لا تقدر ان تصل إلى ذلك الموضع فإنه خليج وماء غمر. فقال له إبراهيم فما لك - معبر؟ قال لا. قال كيف تعبر؟ قال أمشي على الماء. قال إبراهيم لعل الذي سخر لك الماء يسخره لي للعبور. فانطلقا وبدا ماريا فوضع رجله على الماء وقال: بسم الله. وقال إبراهيم: بسم الله. فالتفت ماريا وإذا إبراهيم يمشي كما يمشي هو، فتعجب من ذلك، فدخل الغيضة وأقام معه إبراهيم عليه السلام ثلاثة أيام لا يعلمه من هو، ثم قال له ماريا ما أحسن موضعك، هل لك ان تدعو الله ان يجمع بيننا في هذا الموضع. فقال ما كنت لافعل. قال ولم؟ قال لأني دعوته بدعوة منذ ثلاث سنين فلم يجبني فيها. قال وما الذي دعوته؟
فقص عليه خبر الغنم وإسحاق فقال إبراهيم قد استجاب لك، انا إبراهيم. فقام وعانقه فكانت أول معانقة.
(نوادر الراوندي) باسناده عن الكاظم عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله أول من قاتل في سبيل الله إبراهيم الخليل عليه السلام حيث أسرت الروم لوطا (ع) فنفر إبراهيم عليه السلام واستنقذه من أيديهم. وأول من اختتن إبراهيم عليه السلام اختتن بالقدوم على رأس ثمانين سنة.
أقول: يحمل هذا الاختتان وما روي بمعناه من الاخبار على التقية، كما ورد في حديث آخر والوارد في أكثر الاخبار ان الأنبياء عليهم السلام يولدون مختونين. وفى بعضها: ان غلفهم وسررهم تسقط يوم السابع، ويمكن التوفيق بحمل