إذا عزمت على أمر بعاجله * إن الرشيد الذي بالامر يعتصم إلى آخرها (1).
قال: ثم رفع الرشيد رأسه إلى خادم له فقال: علي بأبي الفضل (2) جعفر بن يحيى! فمضى الخادم إليه فأتى به. فلما دخل وسلم وأخذ مجلسه قال: يا أبا الفضل! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات من غير وصية والاسلام جذع وكلمة العرب مجتمعة، فاجتمع الناس على أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فما لبث أن ارتد عامة العرب واختلف أكثرهم، فقاتل بمسلمها مرتدها. وقهر بمطيعها عاصيها، وإن أبا بكر رضي الله عنه جعل الامر إلى عمر فسلمت له (3) العرب شورى، فكان ما قد بلغك من أكثره والأمور التي قد عدلت الأمة عن جهاتها وصارت هذه الأمور إلى غير أهلها وولاتها، وقد عنيت بصحيح (4) هذه الأمور وتولية هذا العهد، وقد أحببت أن يكون هذا الامر فيمن أرضى سيرته وأحمد طريقته، وبنو هاشم ما تكون إلى ابني محمد بأهوائهم وفيه ما فيهم (5) من الانقياد لهواه، والتبذير (6) لما حوت يداه، (7) ومشاركة النساء والإماء في رأيه (7)، وابني عبد الله المرضي الطريقة الأصيل الرأي الموثوق (8) به في كل الأمور، فإن أنا ملت إلى ابني عبد الله أسخطت بني هاشم، وإن أفردت ابني محمدا بهذا الامر لن آمن تخليط الرعية وضعفه عن سياستها، وقد دعوتك لهذا الامر فأشر علي بمشورة يعم فضلها أو نفعها لأنك مبارك الرأي حسن الروية. قال فقال جعفر بن يحيى (9): يا أمير المؤمنين! إن كل زلة مستقالة إلا هذا