أنت التي خنت عهدي بعد موثقة * إن لا يكن كذبت عنك الأخابير قال فقال لها الرشيد: هذا من عمل الشيطان.
قال: ثم إن الرشيد اتخذ البرامكة وجعلهم وزراءه، وأفشى إليهم أسراره وقدمهم على غيرهم. قال إسماعيل بن عزوان: كنت من منزل ثمامة بن أشرس فسمعته يقول: لم يجتمع لخليفة قط من ولد العباس ما اجتمع للرشيد، وزراؤه البرامكة الذين لم ير مثلهم ولا جودهم وكرمهم فيمن مضى وسلف، ونديمه العباس (1) بن محمد، وحاجبه (2) الفضل بن الربيع أعظم الناس أبهة وأكمل الناس نعمة، وقاضيه أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم وجندب دهره في الحيل وأمضى أصحابه في الحكمة، وشاعره مروان بن أبي حفصة كبير دهره، ومغنيه (3) إبراهيم الموصلي، وضاربه بالعود زلزل، وزامره برصوما (4)، وأكبر من هذا قدرا وأفخر زوجته زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور التي كانت من أرغب الناس في الخير، وهي التي جاءت بالماء إلى الحرم بعد امتناعه - وغير ذلك مما لا يحصى -.
قال ثمامة بن أشرس: ولا اجتمع لاحد من بني العباس ولا غيرهم ممن مضى من الخلفاء ولا من بني أمية ولا لخلق ممن ولي الخلافة من المال ما اجتمع عند الرشيد، وذلك أنه اجتمع في خزانته بيور من المال، والبيور: ألف ألف دينار -، وهذا لا يحصى إلا أن يكتب ويحسب بعد ذلك.
تم كتاب الفتوح