كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٨ - الصفحة ٣٧٧
الشافعي مغضبا ثم قال: إليكم عني يا عبيد الرجعة! أولستم الذين باعوا أنفسهم من هذه الدنيا بطلب الشفعة! أما رأيتم من استدرج من الأمم الماضية والقرون الخالية!
أما رأيتم كيف علم مستورهم وأمطرت عليهم المنايا بالفناء فاضمحل سرورهم فأضحوا بعد خفض عيشهم ولين رفاهتهم في نسيم البطالين حصائد النعم ومدارج المتالف والنقم. قال فقال الرشيد: يا بن إدريس: لقد سللت علينا حسامك من لسانك وهو أمضى من سيفك وسنانك! فقال: يا أمير المؤمنين! هول ك إن شئت وإن قبلت. وإن شئت كففت عن ذلك! قال الرشيد: فإنا قد قبلنا موعظتك ونحن موجهوك إلى أرض اليمن لتكون على صدقاتهم، فسر على بركة الله وعونه! ولا ترفعن إلي باطلا ولا تمنعن ذا حق حقه. قال: ثم خلع عليه الرشيد وحمله وأحسن جائزنه، وأمر الكاتب أن يكتب له عهدا.
وسار الشافعي حتى دخل اليمن فأقام بها حولا كاملا، واتصل الخبر إلى الرشيد أن الشافعي يريد أن يخرج عليه علويا بأرض اليمن - وكان الخبر باطلا، فغضب الرشيد لذلك غضبا شديدا، ثم أرسل إلى الشافعي فحمله، وحمل معه بضعة من أصحابه حتى وافوا الرشيد، قال: وبلغ الخبر إلى محمد بن الحسن [فأقبل] على الرشيد فقال: يا أمير المؤمنين! تأن في أمر هذا الرجل ولا تعجل عليه، فإنه فقيه الحجاز وأنا مخالف له على مذهبه، ولعل الناس يقولون أنا الذي سعيت به إلى أمير المؤمنين! قال: فزبره الرشيد زبرة وقال: اخرج من بين يدي فأنت الذي أشرت علي به، فوالله لأقتلنه قتلة ما سبقني أحد إليها. قال: فخرجت إلى الشافعي فإذا هو في سراويله وقد عري من ثيابه، فتقدمت إليه وقلت: لا ع ليك أبا عبد الله! اتق الله واتكل عليه، فإني أرجو أن يكون لك من الله فرج وأن يسلمك الله منه، فإني قد كلمته فيك فزبرني حتى اتقيته على نفسي غير أنه رجل فصيح، وأنت بحمد الله قد رزقت الفصاحة، فهيىء له كلاما تستمليه به، قال: فإني لكذلك أكلمه. إذ دعا به فأدخل، فلما رآه الرشيد قال: بسم الله الرحمن الرحيم (يايها الذين امنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهلة فتصبحوا على ما فعلتم ندمين) (1) فقال الرشيد: أوليس الكلام والامر على ما قيل فيك يا بن إدريس؟
فقال: يا أمير المؤمنين! أوليس في الناس علوي إلا ويظن أن الناس له عبيد! فكيف أخرج رجلا يريد أن يجعلني عبدا وأغدر بسادات بني عبد المطلب وأنا منهم وهم

(1) سورة الحجرات، الآية 6.
(٣٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 371 372 373 375 376 377 378 379 380 381 382 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خلافة يزيد بن عبد الملك 217
2 ذكر فتنة يزيد بن المهلب وخروجه على يزيد بن عبد الملك 217
3 ذكر محاربة عدي بن أرطاة يزيد بن المهلب بالبصرة 218
4 ذكر فتنة يزيد بالبصرة 221
5 ثم رجعنا إلى فتوح خراسان وإرمينية وأذربيجان من فتوح الترك والخزر 232
6 ذكر دخول الجراح بن عبد الله الحكمي بلاد إرمينية وما كان منه في الخزر 234
7 ذكر محاربة الجراح بن عبد الله مع الخزر ومقتله رحمة الله عليه 241
8 ذكر أمر سعيد بن عمرو الحرشي وخروجه إلى الخزر 243
9 ذكر الرجل الرستاقي 245
10 ذكر ولاية مسلمة بن عبد الملك وعزل سعيد بن عمرو الحرشي عن البلاد 253
11 ذكر مسير مسلمة بن عبد الملك إلى جهاد الكفار ومحاربته لهم 254
12 ذكر حبس الكميت رحمة الله عليه 268
13 ذكر أخبار الكميت في أهل البيت رضي الله عنهم وهي أخبار حسان منتخبة 275
14 ذكر ولاية يوسف بن عمر الثقفي العراق وابتداء أمر زيد بن علي بن الحسين ومقتله 283
15 ابتداء خبر زيد بن علي بن الحسين رضي الله عنهم 285
16 ثم نذكر خبر يحيى بن زيد بن علي بعد ذلك وهربه من يوسف بن عمر إلى جوزجان ومقتله بها رضي الله عنه 295
17 ذكر امارة الوليد بن يزيد بن عبد الملك 298
18 ذكر سبب الاختلاف وسبب إمارته 302
19 ذكر ابتداء أمر الشراة وخروجهم في ولاية مروان بن محمد بن مروان 307
20 ابتداء خبر خراسان مع نصر بن سيار وجديع بن علي الكرماني وأبي مسلم عبد الرحمن بن مسلم 309
21 وهذا ابتداء خبر أبي مسلم من أوله 315
22 ذكر البيعة وعقد الخلافة لولد العباس بن عبد المطلب السفاح 328
23 ذكر حديث مروان وما كان منه بعد بيعة بني العباس للناس 330
24 ذكر مسير مروان بن محمد إلى محاربة ولد العباس رضي الله عنهم 331
25 ذكر مسير عبد الله بن علي في طلب مروان بن محمد بن مروان 333
26 ذكر مقتل مروان بن محمد 334
27 ذكر كتاب عبد الله بن علي إلى أمير المؤمنين أبي العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس 336
28 ذكر أخبار سديف بن ميمون مولى السجاد علي بن الحسين بن [علي بن] أبي طالب رضي الله عنهم وأشعاره الملاح بين يدي أمير المؤمنين 341
29 ذكر مسير أبي جعفر المنصور إلى يزيد بن عمر بن هبيرة ومحاربته له 345
30 ذكر كتاب الأمان الذي كتبه أبو جعفر ليزيد بن عمر بن هبيرة 346
31 ذكر خبر السيد بن محمد الحميري 348
32 خبر عبد الله بن سعد السعدي 348
33 ذكر مسير أبي جعفر المنصور إلى بلاد خراسان إلى أبي مسلم 349
34 ثم رجعنا إلى أخبار إرمينية وأذربيجان 350
35 خلافة أبي جعفر المنصور 352
36 ذكر خروج عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس على أبي جعفر المنصور بالشام 353
37 ذكر خروج أبي مسلم إلى عبد الله بن علي ومحاربته له 354
38 ذكر مقتل عبد الله بن المقفع 356
39 ذكر أبي مسلم ومخالفته على المنصور وما كان من أمره 357
40 ذكر كتاب أبي مسلم إلى المنصور 359
41 جوابه 360
42 ذكر قدوم أبي مسلم من خراسان على المنصور ومقتله بين يديه 361
43 ذكر فتح أبي جعفر المنصور إرمينية وأذربيجان 363
44 ذكر تزويج يزيد بن أسيد بن زافر السلمي إلى ملك الخزر 364
45 ذكر انتقاض الخزر على المسلمين بعد موت خاتون 365
46 ذكر موشابذ البطريق ومحمد بن الحسن بن قحطبة 367
47 ذكر وفاة أبي جعفر 368
48 خلافة المهدي 370
49 خلافة موسى الهادي بن المهدي 371
50 خلافة هارون الرشيد 372
51 حكاية الامام الشافعي مع الرشيد 375
52 وأيضا خبر الشافعي رحمة الله عليه 379
53 ثم رجعنا إلى أخبار الرشيد بن المهدي رضي الله عنه 380
54 ذكر أبي مسلم الشاري وخروجه على الرشيد 381
55 ذكر ولاية سعيد بن سلم بلاد إرمينية وما نزل بالمسلمين منه في ولايته 382
56 ذكر أخبار الرشيد التي كانت منه في آخر عمره 384
57 وهذه أخبار حسان من أخبار الرشيد 386
58 وهذا خبر آخر حسن 389
59 خبر خالصة وحديثها للأحمر 389
60 وهذا خبر حسن 391
61 ثم رجعنا إلى الخبر الأول من أمر الرشيد وابنيه محمد وعبد الله 392
62 ذكر خبر الأصمعي في قتل جعفر بن يحيى البرمكي 393
63 ذكر خبر رافع بن الليث بن نصر بن سيار وخروجه على الرشيد 396
64 ذكر وصية الرشيد عند موته 399
65 ذكر وفاة الرشيد ورؤياه قبل موته 400
66 خلافة محمد الأمين 402
67 ذكر خبر الشعراء الثلاثة وهم أبو نواس والرقاشي ومصعب مع محمد الأمين 404
68 ذكر المخالفة بينهما ومقتل الأمين 406
69 خلافة المأمون بن هارون الرشيد 417
70 ذكر خبر نصر بن شبث وخروجه على المأمون بن الرشيد 417
71 ذكر خروج طاهر بن الحسين على المأمون ووفاته 419
72 ذكر تزويج المأمون ببوران بنت الحسن بن سهل 423
73 ذكر خروج إبراهيم بن المهدي على المأمون 424
74 ذكر بلال الشاري وخروجه على المأمون 428
75 ذكر خروج المأمون إلى بلاد الروم 429
76 ذكر سيرة المأمون وما جمع فيه من مكارم الاخلاق 434
77 خلافة المعتصم بالله 436
78 ذكر تولية الأفشين ومحاربته بابك الخرمي، وتوليته إرمينية وأذربيجان 437