عليه المنصور فقال: أبا مجرم! إني أريد أذكرك شيئا لا أراك تنكرها، أتنكر دخولك على أمير المؤمنين الماضي رحمة الله عليه وتسليمك عليه وأنا جالس في مجلسه ولا تراني أهلا للسلام؟ أتذكر مقالتك لابن أخي عيسى بن موسى (1) إن شئت خلعنا أبا جعفر وبايعناك؟ أتذكر شتمك لي بالشام بين يدي يقطين بن موسى (2) وقولك له:
ومن ابن سلامة؟ أكانت أبا مجرم أمك أفضل من سلامة وهي تحت محمد بن عبد الله بن عباس؟ قال: وجعل المنصور يذكره شيئا بعد شيء (3)، فقال أبو مسلم: يا أمير المؤمنين! لا تذكر هذه الأقاويل، واذكر حس بلائي وقوامي لكم بهذه الدولة! قال: فعندها شتمه المنصور وقال: يا عدو نفسه! أنت ما فعلت ذلك، [إنما عملت] بحميتنا (4) وقيام شيعتنا وما سبق من الله تعالى في أمر دولتنا، ولو كان الامر إليك لما قطعت فتيلا، ألست الكاتب إلي وتبدأ باسمك قبل اسمي؟
أولست الذي كتبت إلينا تخطب آمنة (5) بنت علي بن عبد الله بن عباس وتزعم أنك ابن بنت سليمان بن علي (6)! وإنما أنت عبد لعيسى بن معقل العجلي لقد ارتقيت يا عدو الله مرتقى صعبا. فقال أبو مسلم: يا أمير المؤمنين! إنه لا يجب أن يبلغ منك الغضب كل هذا، فإن قدري أصغر من ذلك، فقال له المنصور: أنسيت استخفافك بحقي وتهجمك إياي بالكلام مرة بعد أخرى؟ أنسيت نظرك إلي شزرا؟ قال: ثم غمز عليه المنصور من على رأسه، فضربه عثمان بن نهيك ضربة بالسيف على جبل عاتقه، فسقط أبو مسلم عن الوسادة وهو يقول: وانفساه! قال: المنصور: يا بن الخبيثة! فعال الجبارين وجزع الصبيان! قال: ثم ضربه أبو الخصيب الحاجب بالسيف ضربة على رأسه فاضطرب اضطرابا شديدا، وجعل المنصور يقول هذه الأبيات: