قال: وإذا أسفل بيتين مكتوبة أيضا:
لعمري لئن كانت قريش تعرضت * لسب امرئ عام عن الحق ظالم لما صادفت ذا المكرمات ابن جعفر * ولا مصعبا جمال تلك المعالم قال: فعلم المنصور أنها كتابة قديمة، فقرأها وحفظها إلى أن دخل مكة، فنزل في دارها من دورها، فإذا على الحائط الذي للدار مكتوب بخط جليل القدر.
قال: فأمر الربيع أن يقرأ ما على الحائط، فامتنع من قراءتها، فقام المنصور ليقرأها، وإذا هما بيتان من الشعر:
أبا جعفر حانت وفاتك وانقضت * سنوك (1) وأمر الله لا شك (2) واقع (3) أبا جعفر هل (4) كاهن أو منجم * لك اليوم عن رد المنية دافع (5) قال: فرفع المنصور إلى فراشه فأسقط في يده حتى امتنع من الطعام والشراب، فلما قضى حجه وأراد الانصراف اعتل علة شديدة وأيس من نفسه.
قال الرقاشي: حدثني أبو كلثوم صاحب المنصور قال: دعاني المنصور بمكة وهو شديد العلة، قال: قد علمت بما كان من ملك مع أبي مجرم (6) في أيامه وما كنت تفشي إليه من سري، والله لأقتلنك أشر قتلة، فلا تعجل إلا أن أقوم من علتي هذه! قال: فخرجت من عنده والموت قابض على حلقي، فمن شدة ما ك ان بي من الغم حملني النوم فإذا بهاتف يهتف بي بهذا البيت وهو يقول:
يعقد المرفق لي بيمين * وهو في غفلة بريب المنون قال: فانتبهت فزعا مرعوبا، فارتفعت الضجة فقلت: ما الخبر؟ فقالوا:
مات أمير المؤمنين.
قال أيوب بن عبد الله صاحب المنصور: كانت خلافة المنصور اثنتين وعشرين