يستيقظ من نومه فزعا مرعوبا وهو يقول: ما لي ولسعيد بن جبير! قال: وبلغ ذلك (1) عبد الملك بن مروان فكتب إلى الحجاج: أما بعد يا حجاج! فقد بلغني عنك سرف في القتل وتبذير في الأموال، وهاتان خلتان لا أحتمل عليهما أحد من الناس، وقد حكمت عليك في الخطأ الدية، وفي العمد القود، وفي الأموال أن تردها إلى موضعها، فإنها أموال الله ونحن أمناؤه عليها، وسواء عندي يا حجاج عطاء في باطل أو منع من حق - والسلام - (2). ثم أثبت في أسفل كتابه هذه الأبيات (3):
إذا أنت لم تترك أمورا كرهتها * وتأبى رضائي بالذي أنا طالبه وتخشى الذي يخشاه مثلي فكن إذا * كذا الدر يوما ظن بالدر حالبه (4) وإن تر مني غفلة قرشية * فيا رب يوم غص بالماء شاربه وإن تر مني وثبة أموية * فهذا وهذا كل ذا أنا صاحبه فلا تأمنني والحوادث جمة * فإنك مجزي بما أنت كاسبه ولا تمنعن الناس حقا علمته * ولا تعط مالا ليس للناس واجبه (5) فإنك إن تعط الحقوق فإنما * تريد به الامر الذي أنا واهبه وإني لأغضي جفن عيني على الأذى * أريد به الامر الذي أنا راكيه وأملي لذي الذنب العظيم كأنني * أخو غفلة عنه وقد خب عاربه فإن كف لم أعجل عليه وإن أبى * وثبت عليه وثبة لا أراقبه