كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٧ - الصفحة ١٠٥
بهذه البئر ثم صلى ركعتين ومضى في هذه البرية، فلا أدري إلى أين صار، قال:
فسار القوم عند ذلك وجعلوا يقتصون الأثر حتى وقفوا عليه، فوجدوه ساجدا، قال:
فلم يشعر سعيد بن جبير إلا والقوم على رأسه فسلموا عليه، فأوجز في صلاته ثم رد عليهم السلام. ثم قال: ما وراءكم عافاكم؟ فقالوا: نحن رسل الأمير الحجاج بن يوسف فأجب! فقال سعيد بن جبير: ولا بد لكم من ذلك؟ قالوا: نعم. فوثب سعيد ومشى معهم حتى انتهى إلى باب الدير وذلك في وقت المساء، فقال لهم الراهب: أصبتم صاحبكم؟ قالوا: نعم قد أصبناه، قال: فأدخلوا إذا الدير، فهذا موضع مسبع فلم يخل من السباع، وهذا وقت المساء! فبادروا ودخلوا، قال:
فدخل القوم وأبى سعيد بن جبير أن يدخل معهم، فقال له القوم: يا بن جبير! إنا نظنك أنك قد عزمت على الهرب! فقال: لا، ولكني لا أحب أن أدخل منزلا لا يصلي فيه أهله الخمس، فأدخلوا وذروني ههنا على باب الدير، فإني أعطيكم عهد الله وميثاقه أن لا أبرح مكاني هذا حتى أصبح. قال: فتركوه ودخلوا الدير، وقام سعيد يصلي والراهب ينظر إليه من فوق صومعته، فلما مضى من الليل ما مضى إذا بالأسد واللبوة قد أقبلا جميعا إليه وهما يزئران حتى تقاربا منه ثم شماه وتنحيا عنه فريضا قريبا منه، والراهب ينظر إلى ذلك، فصاح بالقوم وقال: يا هؤلاء! قوموا وانظروا إلى صاحبكم! قال: فأشرف أصحاب الحجاج من فوق حائط الدير، فنظروا إلى سعيد بن جبير قائما يصلي والأسد واللبوة رابضان جميعا قريبا منه ، فعجبوا من ذلك، ثم قال بعضهم لبعض: بأي وجه نلقى غدا وقد ذهب بمثل هذا الرجل إلى الحجاج ولعله أن يقتله! وانصرف الأسد واللبوة وأصبح القوم، فأول من خرج إليه الراهب صاحب الدير فأسلم، ثم خرج إليه أصحاب الحجاج فقالوا: أيها الرجل الصالح! إن الحجاج قد أخذ علينا الايمان المغلظة أنا إن عايناك لم نفارقكم فنأتيه بك، فمرنا بما شئت! فقال سعيد: ولابد لكم إذا قد حلفتم أن تحضروني إليه، ولا راد لقضاء الله وقدره. قال: فحمله القوم على دوابهم وساروا حتى تقاربوا من واسط، قال لهم سعيد: لا تعجلوا، هذه واسط قد بلغناها، ولست أشك أن أجلي قد حضر، ولكني ذروني الليلة حتى آخذ أهبة الموت، فإذا أصبحت أدخلوني على صاحبكم! قال: فسكت القوم وخلوا عنه، ثم خلا بعضهم ببعض فقالوا: لا نطلب أثرا بعد عين، نخاف أن يهرب، فقال بعضهم: لا والله لا يهرب وقد أعطاكم على باب الدير من العهود والمواثيق ثم وفى لكم بما قال ولم يهرب! وقد رأيتم من الأسد واللبوة ما قد رأيتم، فذروه ليلته هذه يصنع ما بدا له قال: فتركه القوم ليلته
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر كلام عبد الملك بن مروان على المنبر، وإجابة الحجاج إياه، وتولية الحجاج العراقين جميعا 5
2 ذكر قدوم الحجاج إلى الكوفة وكلامه على المنبر 7
3 خبر سبرة بن الجعد مع الحجاج بن يوسف 34
4 ثم رجعنا إلى أخبار الأزارقة 37
5 خبر الجاريتين ابنتي تبع الحميري وخبر محمد بن يوسف أخي الحجاج وخبر السيف وهذا داخل في حديث الأزارقة 38
6 ذكر اختلاف الخوارج وتشتيت أمرهم 39
7 ذكر كتاب المهلب بن أبي صفرة إلى الحجاج بعد فراغه من الأزارقة 50
8 ذكر الرسول وكلامه بين يدي الحجاج 51
9 ذكر كتاب الحجاج إلى المهلب 53
10 ذكر ولاية خراسان للمهلب بعد فراغه من حرب الأزارقة 54
11 ذكر مسير سفيان بن الأبرد الكلبي لما بعث به الحجاج إلى حرب من انفلت من الأزارقة 54
12 ذكر خروج شبيب بن يزيد وما كان من أمره وخروجه على الحجاج 58
13 ذكر عمران بن حطان الخارجي 66
14 ثم رجعنا إلى الخبر الأول وأمر خراسان 72
15 ابتداء أمر ابن الأشعث مع الحجاج بن يوسف 77
16 ذكر كتاب المهلب بن أبي صفرة إلى عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث 80
17 ذكر وفاة المهلب بن أبي صفرة ووصيته عند موته 81
18 ذكر مسير ابن الأشعث إلى العراق لمحاربة الحجاج 82
19 وهذه أول وقعة كانت لابن الأشعث مع الحجاج 87
20 وهذه الوقعة الثانية بالبصرة بين ابن الأشعث وبين الحجاج بن يوسف 89
21 ذكر وقائع دير الجماجم 91
22 ذكر مقتل كميل بن زياد رضي الله عنه صاحب علي بن أبي طالب رضي الله عنه 94
23 ذكر وقعة القوم بالمفتح 96
24 ذكر الأسارى ومن قتل منهم صبرا يوم الفتح 97
25 ذكر هرب ابن الأشعث إلى بلاد كرمان 100
26 ذكر الوقعة مع يزيد بن المهلب 101
27 ذكر مقتل سعيد بن جبير رحمه الله 104
28 ذكر خروج مسلمة بن عبد الملك إلى بلاد الروم 110
29 ذكر مسير مسلمة بن عبد الملك إلى عمورية بعد فتح طوانة 121
30 وههنا تقع أخبار يزيد بن المهلب وما كان من أمره ثم نرجع إلى أخبار قسطنطينية وانصراف المسلمين عنها إن شاء الله تعالى 130
31 ذكر موت عبد الملك بن مروان ووصيته عند موته إلى أولاده 133
32 ذكر دخول قتيبة إلى خراسان أميرا عليها ثم نرجع إلى خبر يزيد بن المهلب 135
33 ثم رجعنا إلى خبر قتيبة بن مسلم وسنرجع إلى خبر يزيد بعد إن شاء الله تعالى 142
34 ذكر مغازي قتيبة بن مسلم بخراسان 143
35 ذكر غنائم بيكند وما وجد في خزائنها 145
36 ذكر مسير قتيبة بن مسلم إلى بخارى 147
37 ذكر نيزك البرقشي وهربه من عسكر قتيبة 148
38 خبر المنطقة 151
39 ثم رجعنا إلى خبر قتيبة بن مسلم 152
40 ذكر مسير قتيبة إلى مرو الروذ والطالقان والفارياب والجوزجان في وقت واحد 152
41 ذكر مسير قتيبة إلى بلاد سجستان ثم منها إلى بلخ 154
42 ذكر مسير قتيبة إلى بلخ وما والاها من الكور 154
43 ذكر مسير قتيبة إلى خوارزم 155
44 ذكر مسير قتيبة إلى السغد من بعد فتح خوارزم وما والاها 156
45 ذكر كتاب الحجاج إلى قتيبة 157
46 ذكر نزول قتيبة على سمرقند ومحاربة أهلها 158
47 ذكر صلح قتيبة بن مسلم على سمرقند ودخوله والمسلمين إياها 160
48 ذكر العهد الذي كتب الغوزك بن أخشيد 161
49 ذكر كتاب الحجاج إلى قتيبة 162
50 ذكر كتاب الحجاج إلى قتيبة عند وفاته 163
51 ذكر ولاية يزيد بن أبي كبشة على العراق ومسير قتيبة إلى فرغانة 164
52 ذكر فتح كاشغر من أداني مدائين الصين، ووفاة الوليد بن عبد الملك 165
53 ذكر ولاية سليمان بن عبد الملك وخبر يزيد بن المهلب 166
54 ذكر ابتداء خلاف قتيبة بن مسلم على سليمان بن عبد الملك وعصيانه إياه 166
55 ذكر كلام قتيبة في خطبته 172
56 ذكر مقتل قتيبة بن مسلم واجتماع أصحابه على ذلك 175
57 ذكر ولاية يزيد بن المهلب أرض خراسان 185
58 ذكر مسير يزيد بن المهلب إلى جرجان وما كان منه إلى أهلها 188
59 ذكر مسير يزيد بن المهلب 191
60 ذكر مسير يزيد بن المهلب إلى جرجان وما فعل بها وأهلها 193
61 ذكر كتاب يزيد بن المهلب إلى سليمان بن عبد الملك بن مروان 196
62 ذكر رجوع مسلمة بن عبد الملك إلى دار الاسلام بعد أربع عشرة سنة 197
63 خلافة عمر بن عبد العزيز 202
64 ذكر كتاب عمر بن عبد العزيز إلى يزيد بن المهلب 205
65 ذكر القوم المتظلمين من يزيد بن المهلب وما كان من كلامهم بين يدي 207
66 عدي بن أرطأة وما كان من رده عليهم بجواب لم يسمع بمثله 207
67 وهذا كلامهم ليزيد بن المهلب على رؤوس الاشهاد 208
68 ذكر جواب يزيد لهؤلاء القوم 209
69 ذكر قدوم يزيد بن المهلب على عمر بن عبد العزيز 210
70 ذكر قدوم مخلد بن يزيد بن المهلب على عمر بن عبد العزيز من خراسان 211
71 ذكر ولاة خراسان وأرمينية 211
72 خبر يزيد بن المهلب ويزيد بن عبد الملك 212
73 ذكر وفاة عمر بن عبد العزيز 213